ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦) فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧) ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (١٠٨)
____________________________________
ثَمَناً) أي : أن ارتبتم في شهادتهما وشككتم ، وخشيتم أن يكونا قد خانا حبستموهما على اليمين بعد صلاة العصر ، فيحلفان بالله ويقولان في يمينهما : لا نبيع الله بعرض من الدّنيا ، ولا نحابي أحدا في شهادتنا (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) ولو كان المشهود له ذا قربى (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) أي : الشّهادة التي أمر الله بإقامتها (إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) إن كتمناها ، ولمّا رفعوهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونزلت هذه الآية أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يستحلفوهما ، وذلك أنّهما كانا نصرانيين ، وبديل كان مسلما ، فحلفا أنّهما ما قبضا غير ما دفعا إلى الورثة ، ولا كتما شيئا ، وخلّى سبيلهما ثمّ اطّلع على الإناء في أيديهما ، فقالا : اشتريناه منه ، فارتفعوا إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فنزل قوله :
(١٠٧) (فَإِنْ عُثِرَ) أي : ظهر واطلع (عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) أي : استوجباه بالخيانة والحنث في اليمين (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) من الورثة ، وهم الذين (اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) أي : استحق عليهم الوصية ، أو الإيصاء ، وذلك أنّ الوصية تستحق على الورثة (الْأَوْلَيانِ) بالميت ، أي : الأقربان إليه ، والمعنى : قام في اليمين مقامهما رجلان من قرابة الميت ، فيحلفان بالله : لقد ظهرنا على خيانة الذّميّين وكذبهما وتبديلهما ، وهو قوله : (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) أي : يميننا أحقّ من يمينهما (وَمَا اعْتَدَيْنا) فيما قلنا ، فلمّا نزلت هذه الآية قام اثنان من ورثة الميّت فحلفا بالله أنّهما خانا وكذبا ، فدفع الإناء إلى أولياء الميت.
(١٠٨) (ذلِكَ) أي : ما حكم به في هذه القصّة ، وبيّنه من ردّ اليمين (أَدْنى) إلى الإتيان بالشّهادة على ما كانت (أَوْ يَخافُوا) أي : أقرب إلى أن يخافوا (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ) على أولياء الميّت بعد أيمان الأوصياء ، فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم فيفتضحوا