وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ
____________________________________
إلى اليمامة ، فلمّا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام القضية سمع تلبية حجّاج اليمامة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذا الحطم فدونكم ، وكان قد قلّد ما نهب من سرح المدينة ، وأهداه إلى الكعبة ، فلمّا توجّهوا في طلبه أنزل الله تعالى : (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) يريد : ما أشعر لله ، أي : أعلم (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) بالقتال فيه (وَلَا الْهَدْيَ) وهي كلّ ما أهدي إلى بيت الله من ناقة ، وبقرة وشاة ، (وَلَا الْقَلائِدَ) يعني : الهدايا المقلّدة من لحاء شجر الحرم (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) قاصديه من المشركين. قال المفسرون : كانت الحرب في الجاهليّة قائمة بين العرب إلّا في الأشهر الحرم ، فمن وجد في غيرها أصيب منه إلّا أن يكون مشعرا بدنه ، أو سائقا هدايا ، أو مقلّدا نفسه أو بعيره من لحاء شجر الحرم ، أو محرما ، فلا يتعرّض لهؤلاء ، فأمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بإقرار هذه الأمنة على ما كانت لضرب من المصلحة إلى أن نسخها بقوله تعالى (١) : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، وقوله : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ) أي : ربحا بالتّجارة (وَرِضْواناً) بالحجّ على زعمهم (وَإِذا حَلَلْتُمْ) من الإحرام (فَاصْطادُوا) أمر إباحة (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) ولا يحملنّكم (شَنَآنُ قَوْمٍ) بغض قوم ، يعني : أهل مكّة (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) يعني : عام الحديبية (أَنْ تَعْتَدُوا) على حجّاج اليمامة ، فتستحلّوا منهم محرّما (وَتَعاوَنُوا) ليعن بعضكم بعضا (عَلَى الْبِرِّ) وهو ما أمرت به (وَالتَّقْوى) ترك ما نهيت عنه (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ) يعني : معاصي الله (وَالْعُدْوانِ) التّعدي في حدوده ، ثمّ حذّرهم فقال : (وَاتَّقُوا اللهَ) فلا تستحلوا محرّما (إِنَّ اللهَ
__________________
(١) سورة التوبة : الآية ٥. وهذا قول مجاهد أخرجه ابن جرير ٦ / ٦٠ ؛ وأخرجه النحاس في ناسخه ص ١٤٣ عن قتادة. ونسبه مكي القيسي لابن زيد والسّدي والشعبي. الإيضاح ص ٢٥٥.