تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٠٤) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٦) وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً (١٠٧)
____________________________________
تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ) أي : إن ألمتم من جراحكم فهم أيضا في مثل حالتكم من ألم الجراح (وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ) من نصر الله إيّاكم ، وإظهار دينكم [في الدنيا](١) ، وثوابه في العقبى (ما لا يَرْجُونَ) هم (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بخلقه (حَكِيماً) فيما حكم.
(١٠٥) (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) هذه الآية وما بعدها نزلت في قصة طعمة بن أبيرق ؛ سرق درعا (٢) ، ثمّ رمى بها يهوديا ، فلما طلبت منه الدّرع أحال على اليهوديّ ، ورماه بالسّرقة ، فاجتمع قوم طعمة وقوم اليهوديّ ، وأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسأل قوم طعمة النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يجادل عن صاحبهم ، وأن يبرّيه ، وقالوا : إنك إن لم تفعل افتضح صاحبنا وبرىء اليهوديّ ، فهمّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يفعل ، فنزل قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) في الحكم لا بالتّعدي فيه (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) أي : فيما علّمك الله (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ) طعمة وقومه (خَصِيماً) مخاصما عنهم.
(١٠٦) (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) من جدالك عن طعمة ، وهمّك بقطع اليهوديّ.
(١٠٧) (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) يخونونها بالمعصية ؛ لأنّ وبال خيانتهم راجع عليهم. يعني : طعمة وقومه (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً) أي :
__________________
(١) زيادة من ظا.
(٢) القصة أخرجها الحاكم في المستدرك ٤ / ٣٨٥ في كتاب الحدود ، وقال : صحيح على شرط مسلم ؛ وأقرّه الذهبي والترمذي في التفسير. العارضة ١١ / ١٦٤ ؛ وقال الترمذي : حديث غريب ؛ وابن جرير ٥ / ٢٦٥. وانظر : أسباب النزول ص ٢١٠.