وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٠) وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (١٠١) وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى
____________________________________
تعالى هذه الآية (١) ، وأخبر أنّ من قصد طاعة ، ثمّ أعجزه العذر عن تمامها كتب الله ثواب تمام تلك الطّاعة ، ومعنى (وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) وجب ذلك بإيجابه.
(١٠١) (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا ...) الآية. نزلت في إباحة قصر الصّلاة في السّفر ، وظاهر القرآن يدل على أنّ القصر يستباح بالسّفر والخوف ، لقوله : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي : يقتلكم ، والإجماع منعقد على أنّ القصر يجوز في السّفر من غير خوف ، وثبتت السنّة بهذا عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم (٢) ، ولكن ذكر الخوف في الآية ، على حال غالب أسفارهم في ذلك الوقت ، ثمّ ذكر صلاة الخوف فقال :
(١٠٢) (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ) أي : إذا كنت أيّها النبيّ مع المؤمنين في غزواتهم وخوفهم (فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) أي : ابتدأت بها إماما لهم (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) نصفهم يصلّون معك (وَلْيَأْخُذُوا) أي : وليأخذ الباقون أسلحتهم (فَإِذا سَجَدُوا) فإذا سجدت الطّائفة التي قامت معك (فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) أي : الذين أمروا بأخذ السّلاح (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى) أي : الذين كانوا من ورائهم يحرسونهم
__________________
(١) انظر : ابن جرير ٥ / ٤٢٠ ؛ ولباب النقول ص ٨٠ ؛ وأسباب النزول ص ٢٠٨.
(٢) في الحديث عن يعلى بن أمية قال : قلت لعمر بن الخطاب : أرأيت إقصار الناس الصلاة ، وإنّما قال تعالى : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فقد ذهب ذلك اليوم؟ فقال : عجبت ممّا عجبت منه ، فذكرت ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : صدقة تصدّق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته. أخرجه مسلم برقم ٦٨٦ ؛ وأبو داود برقم ١١٩٩ ؛ والنسائي في تفسيره ١ / ٤٠٣ ؛ والترمذي. العارضة ١١ / ١٦٣.