إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (٤٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٤٩) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (٥٠) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا
____________________________________
(٤٨) (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ...) الآية. وعد الله تعالى في هذه الآية مغفرة ما دون الشّرك ، فيعفو عن من يشاء ، ويغفر لمن يشاء إلّا الشّرك ؛ تكذيبا للقدريّة ، وهو قوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) أي : الشّرك (لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) أي : اختلق ذنبا غير مغفور.
(٤٩) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) أي : اليهود قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وما عملناه باللّيل كفّر عنّا بالنّهار ، وما عملناه بالنّهار كفّر عنّا باللّيل (١)(بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) أي : يجعل من يشاء زاكيا طاهرا ناميا في الصّلاح. يعني : أهل التّوحيد (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) لا ينقصون من الثواب قدر الفتيل ، وهو القشرة الرّقيقة التي حول النّواة ، ثمّ عجّب نبيّه عليهالسلام من كذبهم ، فقال :
(٥٠) (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) يعني : قولهم : يكفّر عنّا ذنوبنا (وَكَفى بِهِ) بافترائهم (إِثْماً مُبِيناً) أي : كفى ذلك في التّعظيم.
(٥١) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) يعني : علماء اليهود (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ) أي : الأصنام (وَالطَّاغُوتِ) سدنتها وتراجمتها (٢) ، وذلك أنّهم حالفوا قريشا على حرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وسجدوا لأصنام قريش ، وقالوا لهم : أنتم أهدى من محمّد عليهالسلام ، وأقوم طريقة ودينا ، وهو قوله : (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا)
__________________
(١) أخرجه ابن جرير ٥ / ١٢٧ عن السدي.
(٢) وهم الذين يكونون بين أيدي الأصنام يعبرون عنها الكذب ، ليضلوا الناس ، وهذا تفسير ابن عباس. تفسير الطبري ٥ / ١٣١.