فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨٨) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا
____________________________________
وقالوا : نحن أصحاب التّوراة وأولو العلم القديم (١)(فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ) بمنجاة (مِنَ الْعَذابِ).
(١٨٩) (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : يملك تدبيرهما وتصريفهما على ما يشاء. الآية والتي بعدها ذكرت في سورة البقرة (٢).
(١٩١) (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) أي : يصلّون على هذه الأحوال على قدر إمكانهم (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيكون ذلك أزيد في بصيرتهم (رَبَّنا) أي : ويقولون : (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا) أي : هذا الذي نراه من
__________________
(١) وأصحّ من هذا ما أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري : إنّ رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الغزو تخلّفوا عنه ، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله ، فإذا قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم اعتذروا إليه ، وحلفوا ، وأحبّوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، فنزلت : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ ...) الآية. فتح الباري ٨ / ٢٣٣. وأخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال : ما لكم ولهذه الآية؟ إنّما نزلت هذه في أهل الكتاب ، ثمّ تلا ابن عباس : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) ، وتلا ابن عباس : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا). قال : سألهم النّبيّ عن شيء فكتموه ، وأخبروه بغيره ، فخرجوا وفرحوا أنّهم أخبروه بما سألهم عنه ، واستحمدوا بذلك إليه ، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إيّاه ما سألهم عنه. أخرجه أحمد ١ / ٢٩٨ ، والبخاري فتح الباري ٩ / ٢٣٣ ، ومسلم برقم ٢٧٧٨ ، والنسائي في تفسيره ١ / ٣٥٣ ، والحاكم ٢ / ٢٩٩ ، والطبراني في الكبير برقم ١٠٧٣٠.
(٢) راجع ص ١٢٤.