وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ
____________________________________
ومدد حواملهم ، وغير ذلك. (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) كان الرّجل في الجاهليّة إذا أحرم نقب من بيته نقبا من مؤخره يدخل فيه ويخرج ، فأمرهم الله بترك سنّة الجاهليّة (١) ، وأعلمهم أنّ ذلك ليس ببرّ (وَلكِنَّ الْبِرَّ) برّ (مَنِ اتَّقى) مخالفة الله (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ...) الآية.
(١٩٠) (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ...) الآية. نزلت هذه الآية في صلح الحديبية (٢) ، وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا انصرف من الحديبية إلى المدينة المنورة حين صدّه المشركون عن البيت ، صالحهم على أن يرجع عامه القابل ويخلّوا له مكّة ثلاثة أيّام ، فلمّا كان العام القابل تجهّز رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه لعمرة القضاء ، وخافوا أن لا تفي لهم قريش وأن يصدّوهم عن البيت ويقاتلوهم ، وكره أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قتالهم في الشّهر الحرام في الحرم ، فأنزل الله تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي : في دين الله وطاعته (الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) يعني : قريشا (وَلا تَعْتَدُوا) ولا تظلموا فتبدءوا في الحرم بالقتال.
(١٩١) (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) وجدتموهم وأخذتموهم (وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ
__________________
(١) انظر : ابن جرير ٢ / ١٨٧ ، وأسباب النزول ص ٨٦ ؛ ولباب النقول ص ٣٦. وأخرجه الحاكم في المستدرك ١ / ٤٨٣ ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي.
(٢) وهذا قول ابن عباس من طريق الكلبي. انظر : أسباب النزول ص ٨٧ ؛ ولباب النقول ص ٣٦ ، وبحر العلوم ١ / ٥٧٩. وقيل : هذه أوّل آية نزلت في القتال بالمدينة ، فلما نزلت كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقاتل من قاتله ، ويكف عمّن كفّ عنه حتى نزلت : (قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً).
انظر : تفسير ابن جرير ٢ / ١٨٩ ؛ وأحكام القرآن للهراسي ١ / ٧٩ ؛ والإيضاح ص ١٥٦ ؛ والناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٣٣.