شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩) كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ
____________________________________
(شَيْءٌ) وهو أن يعفو بعض الأولياء فيسقط القود (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) أي : فعلى العافي الذي هو ولي الدّم أن يتبع القاتل بالمعروف ، وهو أن يطالبه بالمال من غير تشدّد وأذى ، وعلى المطلوب منه المال (أَداءٌ) تأدية المال إلى العافي (بِإِحْسانٍ) وهو ترك المطل والتّسويف. (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) هو أنّ الله تعالى خيّر هذه الأمّة بين القصاص والدية والعفو ، ولم يكن ذلك إلّا لهذه الأمّة (١)(فَمَنِ اعْتَدى) أي : ظلم بقتل القاتل بعد أخذ الدية (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ).
(١٧٩) (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) أي : في إثباته حياة ، وذلك أنّ القاتل إذا قتل ارتدع عن القتل كلّ من يهمّ بالقتل ، فكان القصاص سببا لحياة الذي يهمّ بقتله ، ولحياة الهامّ أيضا ؛ لأنه إن قتل قتل. (يا أُولِي الْأَلْبابِ) يا ذوي العقول (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [إراقة](٢) الدّماء مخافة القصاص.
(١٨٠) (كُتِبَ عَلَيْكُمْ ...) الآية. كان أهل الجاهليّة يوصون بمالهم للبعداء رياء وسمعة ، ويتركون أقاربهم [فقراء](٣) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. (كُتِبَ عَلَيْكُمْ) فرض عليكم وأوجب (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) أي : أسبابه ومقدّماته (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) مالا (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ) يعني : لا يزيد على الثلث
__________________
(١) عن ابن عباس قال : كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية ، فقال الله تعالى لهذه الأمة : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ، وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى ، فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) فالعفو أن يقبل الدية في العمد. الحديث أخرجه البخاري في التفسير ٨ / ١٧٦ ؛ والنسائي في تفسيره ١ / ٣١٣ ؛ والبيهقي في السنن ٨ / ٥١.
(٢) ما بين [ ] من ظ وظا.
(٣) زيادة من ظا.