الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ
____________________________________
(١٤٧) (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أي : هذا الحقّ من ربّك (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) الشّاكّين في الجملة التي أخبرتك بها من أمر القبلة ، وعناد اليهود وامتناعهم عن الإيمان بك.
(١٤٨) (وَلِكُلٍ) أي : ولكلّ أهل دين (وِجْهَةٌ) قبلة ومتوجّه إليها في الصّلاة (هُوَ مُوَلِّيها) وجهه ، أي : مستقبلها (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) فبادروا إلى القبول من الله عزوجل ، وولّوا وجوهكم حيث أمركم الله تعالى (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) يجمعكم الله تعالى للحساب ، فيجزيكم بأعمالكم ، ثم أكّد استقبال القبلة أينما كان بآيتين ، وهما قوله تعالى :
(١٥٠) (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ...) الآية ، وقوله : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) يعني : اليهود ، وذلك أنّ اليهود كانوا يقولون : ما درى محمّد أين قبلته حتى هديناه ، ويقولون : يخالفنا محمّد في ديننا ويتّبع قبلتنا ، فهذا كان حجّتهم التي كانوا يحتجّون بها تمويها على الجهّال ، فلمّا صرفت القبلة إلى الكعبة بطلت هذه الحجّة ، ثمّ قال تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) من النّاس ، وهم المشركون فإنّهم قالوا : توجّه محمد إلى قبلتنا ، وعلم أنّا أهدى سبيلا منه ، فهؤلاء يحتجّون بالباطل ، ثمّ قال : (فَلا تَخْشَوْهُمْ) يعني : المشركين في تظاهرهم عليكم في المحاجّة والمحاربة (وَاخْشَوْنِي) في ترك القبلة ومخالفتها ، (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) أي : ولكي أتمّ ـ عطف على (لِئَلَّا يَكُونَ) ـ نعمتي عليكم بهدايتي