قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩) وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ
____________________________________
قُلُوبُهُمْ) أشبه بعضها بعضا في الكفر والقسوة ومسألة المحال (قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) أي : من أيقن وطلب الحقّ فقد أتته الآيات ؛ لأنّ القرآن برهان شاف.
(١١٩) (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِ) بالقرآن والإسلام ، أي : مع الحقّ (بَشِيراً) مبشّرا للمؤمنين (وَنَذِيراً) مخوّفا ومحذّرا للكافرين (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) أي : لست بمسئول عنهم ، وذلك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : لو أنّ الله عزوجل أنزل بأسه باليهود لآمنوا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١) ، أي : ليس عليك من شأنهم عهدة ولا تبعة.
(١٢٠) (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ ...) الآية نزلت في تحويل القبلة (٢) ، وذلك أنّ اليهود والنّصارى كانوا يرجون أنّ محمدا صلىاللهعليهوسلم يرجع إلى دينهم ، فلمّا صرف الله تعالى القبلة إلى الكعبة شقّ عليهم ، وأيسوا منه أن يوافقهم على دينهم ، فأنزل الله تعالى : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) يعني : دينهم وتصلّي إلى قبلتهم (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) أي : الصّراط الذي دعا إليه ، وهدى إليه هو طريق الحقّ (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) يعني : ما كانوا يدعونه إليه من المهادنة والإمهال (بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) أي : البيان بأنّ دين الله عزوجل هو الإسلام وأنّهم على الضّلالة (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ).
(١٢١) (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) يعني : مؤمني اليهود (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) يقرءونه كما أنزل ولا يحرّفونه ، ويتّبعونه حقّ اتّباعه.
__________________
(١) ذكره المؤلف في أسباب النزول ص ٧٥ عن مقاتل.
(٢) أسباب النزول ص ٧٥.