فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)
____________________________________
استبان أنّهم لم يصيبوا ، فلمّا قدموا سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك. وقوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) أي : تصرفوا وجوهكم (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) أي : فهناك قبلة الله وجهته التي تعبّدكم الله بالتوجّه إليها (إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) أي : واسع الشّريعة يوسّع على عباده في دينهم. [اختلف العلماء في حكم هذه الآية ، فمنهم من قال : هي منسوخة الحكم (١) بقوله : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٢) ؛ ومنهم من قال : حكمها ثابت غير أنها مخصوصة بالنّوافل في السّفر (٣). وقيل (٤) : إنها نزلت في شأن النجاشي حين صلّى عليه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم مع أصحابه وقولهم له : كيف تصلّي على رجل صلّى إلى غير قبلتنا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وبيّن أنّ النجاشي وإن صلّى إلى المشرق أو المغرب فإنّما قصد بذلك وجه الله وعبادته ، ومعنى (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) أي : فثمّ رضا الله وأمره ، كما قال : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ)(٥). والوجه والجهة والوجهة : القبلة](٦).
__________________
(١) قال مكيّ القيسي : وهو منسوخ عند مالك وأصحابه بقوله : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، وهو قول قتادة وابن زيد ، وهو مرويّ عن ابن عباس والحسن ـ الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص ١٣١.
وانظر : الناسخ والمنسوخ للزهري ص ١٨ ، وللنحاس ص ١٧.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٤٤.
(٣) قال أبو جعفر النحاس : وهذا القول عليه فقهاء الأمصار ، ويدلك على صحته عن ابن عمر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على دابته ، وفي ذلك أنزل الله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ). الناسخ والمنسوخ ص ١٧ مع حذف السند. قلت : وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصلاة برقم ٣٣ ؛ وأحمد ٦ / ٣٢٣ ؛ والترمذي ٨ / ١٥٦ ؛ والنسائي ١ / ٢٤٤.
(٤) أخرجه ابن جرير ١ / ٥٠٤ عن قتادة ؛ وانظر الإيضاح ص ١٣٢ ؛ والناسخ والمنسوخ للنحاس ص ١٧.
(٥) سورة الإنسان : الآية ٩.
(٦) ما بين [ ] ساقط من عا وظا وظ ، وهو في نسخة الأصل فقط.