وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ
____________________________________
اليهود ، وكفّر كلّ واحد من الفريقين الآخر (١) ، وقوله تعالى : (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ) يعني : إنّ الفريقين يتلون التّوراة وقد وقع بينهما هذا الاختلاف وكتابهم واحد ، فدلّ بهذا على ضلالتهم (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) يعني : كفّار الأمم الماضية ، وكفّار هذه الأمّة (مِثْلَ قَوْلِهِمْ) في تكذيب الأنبياء والاختلاف عليهم ، فسبيل هؤلاء الذين يتلون الكتاب كسبيل من لا يعلم الكتاب [أنّه من الله تعالى](٢) من المشركين في الإنكار لدين الله سبحانه (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ...) الآية. أي : يريهم عيانا من يدخل الجنّة ومن يدخل النّار.
(١١٤) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) يعني : بيت المقدس ومحاريبه. نزلت (٣) في أهل الرّوم حين خرّبوا بيت المقدس (أُولئِكَ) يعني : أهل الرّوم (ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) لم يدخل بيت المقدس بعد أن عمره المسلمون روميّ إلّا خائفا لو علم به قتل (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) يعني : القتل للحربيّ ، والجزية للذميّ.
(١١٥) (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) أي : إنّه خالقهما. نزلت (٤) في قوم من الصّحابة سافروا فأصابهم الضّباب فتحرّوا القبلة وصلّوا إلى أنحاء مختلفة ، فلمّا ذهب الضّباب
__________________
(١) أسباب النزول ص ٧١ ؛ وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١ / ٣٣٨ ؛ وابن جرير ١ / ٤٩٥.
(٢) زيادة من عا.
(٣) هذا قول ابن عباس في رواية الكلبي. تفسير ابن أبي حاتم ١ / ٣٤٢ ؛ وأسباب النزول ص ٧١.
(٤) أخرجه الترمذي في التفسير ٨ / ١٥٥ ، وقال : ليس إسناده بذاك ، والبيهقي ٢ / ١١ ؛ والدارقطني ١ / ٢٧٢. وانظر : أسباب النزول ص ٧٣.