وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ
____________________________________
السّلام فقال : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) أي : لم يكن كافرا ساحرا يسحر (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا) بالله (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) يريد : ما كتب لهم الشّياطين من كتب السّحر (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) أي : ويعلّمونهم ما أنزل عليهما ، أي : ما علّما وألهما ، وقذف في قلوبهما من علم التّفرقة ، وهو رقية وليس بسحر ، وقوله : (وَما يُعَلِّمانِ) يعني : الملكين السّحر (مِنْ أَحَدٍ) أحدا (حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) ابتلاء واختبار (فَلا تَكْفُرْ) وذلك أنّ الله عزوجل امتحن النّاس بالملكين في ذلك الوقت ، وجعل المحنة في الكفر والإيمان أن يقبل القابل تعلّم السّحر ، فيكفر بتعلّمه ويؤمن بتركه ، ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء ، وهذا معنى قوله : (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) أي : محنة من الله نخبرك أنّ عمل السّحر كفر بالله ، وننهاك عنه ، فإن أطعتنا نجوت وإن عصيتنا هلكت ، وقوله تعالى (فَيَتَعَلَّمُونَ) أي : فيأتون فيتعلّمون من الملكين (ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) وهو أن يؤخذ كلّ واحد منهما عن صاحبه ويبغّض كلّ واحد منهما إلى الآخر (وَما هُمْ) أي : السّحرة الذين يتعلّمون السّحر (بِضارِّينَ بِهِ) بالسّحر (مِنْ أَحَدٍ) أحدا (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) بإرادته كون ذلك ، أي : لا يضرّون بالسّحر إلّا من أراد الله أن يلحقه ذلك الضّرر (وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ) في الآخرة (وَلا يَنْفَعُهُمْ) [في الدّنيا](١)(وَلَقَدْ عَلِمُوا) يعني : اليهود (لَمَنِ اشْتَراهُ) من اختار السّحر (ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) من نصيب [في الجنة](٢) ، ثمّ ذمّ صنيعهم فقال : (وَلَبِئْسَ
__________________
(١) زيادة من ظا.
(٢) زيادة من ظا.