بشيء من الأشياء ، فإنّ الثواب عنده إذا ثبت لا يزيله شيء(١). وقد تقدّم قبل قليل أنّ الإجماع قد دلّ على دوام ثواب الطاعة.
أمّا المعتزلة فذهبوا إلى إمكان زوال الثواب إمّا من خلال الندم على الطاعة ، وإمّا من خلال التحابط ، والذي يعني أنّ المعاصي قد تصل إلى حدّ بحيث تُبطِل وتُحبِط الطاعات ، وخاصّة إذا كانت تلك المعاصي من الكبائر ، فإنّها تُحبِط ثواب الطاعات ، فالتحابط هو إبطال المعصية للطاعة ، أو إبطال عقاب المعصية لثواب الطاعة(٢).
وقد وقف الشريف المرتضى في وجه نظرية التحابط وناقشها بعدة مناقشات :
منها : أنّه لا تنافي بين الطاعة والمعصية ، ولا بين الثواب والعقاب ؛ لأنّه يمكن أن يكون المكلّف مؤمناً بقلبه ـ وهذه طاعة ـ وعاصياً بجوارحه في نفس الوقت ، ولا تنافي بين الأمرين. وأمّا المستحَقّ على الطاعة والمعصية من الثواب والعقاب فلا تنافي بينهما أيضاً ؛ لأنّ المستحَقّ من الثواب والعقاب أمر معدوم ، فإنّهما إنّما يوجدان بعد الموت ، وذلك في الجنّة أو النار ، أمّا الآن فالثواب والعقاب معدومان ، ولا تضادّ بينهما(٣).
ومنها : أنّه بناءً على التحابط سيكون مَن جمع بين إحسان وإساءة
__________________
(١) الذخيرة ، ص٣٠٢.
(٢) شرح الأصول الخمسة ، ص٤٢٢ ؛ المنقذ من التقليد ، ج٢ ، ص٤٢.
(٣) شرح جُمَل العلم والعمل ، ص١٤٧ ؛ الذخيرة ، ٣٠٣.