عمّا تميل طباعها إليه من الشّهوات ، وليذلّلها بالصّبر عما يكره ؛ كما يفعل ذلك بالبعير الصّعب ؛ وليس يجب أن يستبعد حمل الكلام على بعض ما يحتمله ؛ لأنّ الواجب على من يتعاطى تفسير غريب الكلام أن يذكر كلّ ما يحتمله الكلام من المعاني ؛ ويجوز أن يكون أراد المخاطب كلّ واحد منها منفرداً ، وليس عليه العلم بمراده بعينه ؛ فإنّ مراده مغيّب عنه.
٣ ـ تأويل خبر
قال أبو عبيد في الحديث : «ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن».
قال : أراد : يستغني به ، واحتجّ بقولهم : تغنّيت تغنّياً ، وتغانيت تغانياً ، وأنشد بيت الأعشى(١) :
وَكُنتُ اِمرَأً زَمَناً بِالعِراقِ |
|
عَفيفَ المُناخِ طَويلَ التَغَنّ(٢) |
وقول الآخر :
كِلانا غَنِيٌّ عَن أَخيهُ حَياتَهُ |
|
وَنَحنُ إِذا مِتنا أَشَدُّ تَغانِيا(٣) |
__________________
(١) هو ميمون بن قيس بن جندل من بني قيس بن ثعلبة الوائلي ، أبو بصير ، المعروف بأعشى قيس ، ويقال له أعشى بكر بن وائل والأعشى الكبير ، وهو أحد أصحاب المعلّقات. (ت ٧ هـ).
(٢) الزاهر في معاني كلمات الناس : ٣٩٧.
(٣) أورده أبو الفرج ضمن أشعار الأبيرد الرياحي ، (الأغاني ، ١٣ : ٨٨) وجاء به المبرّد ضمن أبيات لعبد الله بن معاوية (الكامل في اللغة والأدب ، ١ : ١٧٨) ، وقد ذكره ابن