١ ـ تأويل خبر
روي عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : «من تعلّم القرآنَ ثمّ نَسِيَه لَقِيَ اللّهَ وَهو أجذَمُ».
قال أبو عبيد القاسم بن سلاّم مفسّراً لهذا الحديث : الأجذم : المقطوع اليد ، واستشهد بقول المتلمّس(١) :
وَما كُنتُ إِلا مِثلَ قاطِعِ كَفِّهِ |
|
بِكَفّ لَهُ أُخرى فَأَصبَحَ أَجذَما(٢) |
وقد خطّأ عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبا عبيد في تأويله ، وقال : الأجذم وإن كان المقطوع اليد ؛ فإنّ هذا المعنى لا يليق بهذا الموضع. قال : لأنّ العقوبات من الله تعالى لا تكون إلاّ وفقاً للذّنوب وبحسبها ، واليد لا مدخل لها في نسيان القرآن ، فكيف يعاقب فيه؟! واستشهد بقوله تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) الآية(٣) ، أنّ الرّبا إذا أكلوه ثقل في بطونهم ، وربا ؛ فجعل قيامهم مثل قيام من يتخبّطه الشيطان تعثّراً وتخبّلاً(٤). واستشهد بما روي من قوله : «رأيت ليلة أُسرِيَ بي قوماً تُقرَض شفاههم ، فقال لي جبريل : هؤلاء
__________________
(١) المتلمّس الضبعي جرير بن عبد العزّى ، أو عبد المسيح ، من بني ضُبيعة ، من ربيعة. من أهل البحرين ، وهو خال طرفة بن العبد (ت ٤٣ ق. هـ).
(٢) ديوان المتلمّس الضبعي : ٣٢.
(٣) البقرة : ٢٧٥ ؛ (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إلاّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ).
(٤) ر : (تغيّراً وتخيلاً).