واقتضائه لها ، وتقدير الكلام : ليس لك من الأمر شيء من توبتهم وعذابهم. وأقوى الوجوه الأوّل.
٤٥ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ)(١)
فقال : ما هذه اليد المغلولة؟ وما نرى أنّ عاقلاً من اليهود ولا غيرهم يزعم أنّ لربّه يدا مغلولة ، واليهود تتبرّأ من أن يكون فيها قائل كذلك(٢) ؛ وما معنى الدعاء عليهم بـ (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) ، وهو تعالى لا يصحّ أن يدعو على غيره؟ لأنّه قادر على أن يفعل ما يشاء ، وإنّما يدعو الداعي بما لا يتمكّن من فعله طلباً له.
الجواب : قلنا : يحتمل أن يكون قوم(٣) من اليهود وصفوا الله تعالى بما يقتضي تناهي مقدوره ، فجرى ذلك مجرى أن يقولوا : إنّ يده مغلولة ، لأنّ عادة الناس جارية بأن يعبّروا بهذه العبارة عن هذا المعنى ، فيقولون : (يد فلان منقبضة عن كذا) ، و (يده لا تنبسط إلى كذا) ، إذا أرادوا وصفه بالفقر والقصور ، ويشهد بذلك قوله تعالى : (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ
__________________
(١) المائدة : ٦٤.
(٢) الأمالي : (بذلك).
(٣) م / ر : (قوما).