ويمكن في الآية وجه آخر(١) ؛ وهو أن يكون المراد بها أنّ الأمور تنتهي إلى ألاّ يكون موجود قادر غيره ، ويفضي الأمر في الانتهاء إلى ما كان عليه في الابتداء ، لأنّ قبل إنشاء الخلق هكذا كانت الصورة ، وبعد إفنائهم هكذا تصير وتكون الكناية برجوع الأمر إليه عن هذا المعنى ، وهو رجوع حقيقيّ ، لأنّه عاد إلى ما كان عليه متقدّماً.
ويحتمل أيضاً أنّ المراد بذلك أنّ إلى(٢) قدرته يعود المقدور ، لأنّ ما أفناه من مقدوراته الباقية كالجواهر والأعراض الباقية ترجع إلى قدرته ، ويصحّ منه إيجاده بعوده إلى ما كان عليه ، وإن كان ذلك لا يصحّ في مقدورات البشر ، وإن كانت باقية.
٢٥ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله تعالى : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها)(٣).
فقال : أيّ معنى لذكر البيوت وظهورها وأبوابها؟ وهل المراد بذلك البيوت المسكونة على الحقيقة ، أو كـنّى بهذه اللفظة عن غيرها؟
الجواب : قيل له : في الآية وجوه :
__________________
(١) م / ر : (وجوه أخر).
(٢) م : (إلى).
(٣) البقرة : ١٨٩.