أوّلها : ما حُكِيَ عن أبي العبّاس ثعلب ، أنّه قال : إنّما حَسُنَ التكرارُ لأنّ تحت كلّ لفظة معنىً ليست هو تحت الأخرى ، وتلخيصُ الكلام : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُوْنَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) الساعةَ وفي هذه الحال ، (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) في هذه الحال أيضاً ، اختصَّ الفعلانِ منه ومنهم بالحال ، وقال : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّم) في المستقبل ، (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) فيما تستقبلون ، فاختلف المعاني وحسن التكرار لاختلافها ، ويجبُ أن تكون هذه السورة مختصَّةً بمن المعلوم أنّه لا يؤمن وقد ذكر أنّها نزلت في أبي جهل ، والمستهزئين ، ولم يؤمن من الذين نزلت فيهم أحدٌ ، والمستهزؤون(١) هم العاص بن وائل ، والوليد بن المغيرة ، والأسود بن المطّلب ، والأسود بن عبد يغوث ، وأميّة بن خلف ، وعديّ بن قيس.
وثانيها : أنّ التكرار للتأكيد ، ومثله : (كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُون)(٢) وأنشد الفرّاء :
كم نعمة كانت لكم |
|
كم كم وكم [كانت وكم](٣) |
وثالثها : أنّني لا أعبد الأصنام التي تعبدونها (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُد) أي أنتم عابدون غير الله الذي أنا عابده ، إذا أشركتم به واتّخذتم
__________________
(١) م : (والمستهزئين).
(٢) التكاثر : ٣و٤.
(٣) بين المعقوفتين ليس في (م) ، وكذلك ليس في أمالي المرتضى ؛ ذكر البيت في : كتاب الصناعتين ، أبو هلال العسكري : ١٩٤ بدون عزو إلى شاعر.