حتّى أبدى ديوانه قوّة شعره وما نطق به من أوائل قوله ولعلّها قصيدة قالها في عنفوان شبابه لصديق له قدم من سفر مطلعها :
حلّ ذاك الكناس ظبيٌ ربيب |
|
عاصت الصبْرَ في هواه القلوبُ(١) |
وكذلك أبدى لنا هذا الديوان من قصائده ما طلب منه أن يردّ أو يجيب على نفس الوزن والقافية ، فمن روائع ما جادت به قريحته التي تعرب عن تمرّسه وتظلّعه في الصناعة الشعرية وذلك لمّا سأله الوزير (أبو عليّ الحسن ابن حمد) عمل أبيات تتضمّن المعنى الذي قصده جرير بقوله :
تقول العاذلات علاك شيبٌ |
|
أهذا الشيب يمنعني مراحي |
فقال شريفنا المرتضى ردّاً عليه بأبيات على نفس الرّويّ :
وما مرح الفتى تزورُّ عنه |
|
خدود البيض بالحدق الملاحِ |
ويصبح بين أعراض مبين |
|
بلا سبب وهجران صراحِ |
وقالوا لا جناح فقلت كلاّ |
|
مشيبي وحده فيكم جناحي |
أليس الشيب يدني من مماتي |
|
ويطمع من قلاتي في رواحي |
مشيبٌ شنّ في شعر سليم |
|
كشنّ العرّ في الإبلِ الصحاحِ |
كأنّي بعد زورته مهيضٌ |
|
أدفُّ على الوطيف بلا جناحِ |
أو العاني تورّط في الأعادي |
|
فسُدّ عليه مُطَّلَعُ السراحِ |
__________________
(١) ديوان الشريف المرتضى : ١ / ١٨٨.