لم يكن بينهما أخوة نسب وجب القطع على ثبوت ما عدا هاتين المنزلتين ، وإذا ثبت ما عداهما وفي جملته أنّه لو بقي لخلّفه ودبّر أمر أمّته وقام فيهم مقامه ، وعلمنا بقاء أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله وجبت له الإمامة بعده بلا شبهة»(١).
ووجه الاستدلال بالحديث الشريف على إمامة عليّ عليهالسلام ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) جعل جميع المنازل الّتي كانت لهارون لعليّ باستثناء النبوّة ؛ لأنّ الاستثناء دليل على العموم كما قرّر في محلّه من علم الأصول ، ومن بين تلك المنازل الإمامة والخلافة ، ولو لم يتوفّى هارون في حياة موسى لكان هو الخليفة من بعده ؛ فإن المراد بالأمر في قوله تعالى : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) النبوّة ، والإمامة ، والخلافة ، وبما أنّ النبوّة مستثناة من عليّ ، فتثبت له الإمامة والخلافة ضرورة(٢). والذي يؤكّد أنّ الأمر يعمّ النبوّة والإمامة ، هو أنّ الله تعالى جعل إبراهيم عليهالسلام نبيّاً وإماماً بجعلين مستقلّين ، كما أنّ كثيراً من الأنبياء في زمن إبراهيم وموسى كانوا غير أئمّة ، وإنّما أتباع لهما ويخضعون لإمامتهما.
ـ ويشهد له قوله (صلى الله عليه وآله) : «اللّهم أقول كما قال أخي موسى : اللّهم اجعل لي وزيراً من أهلي ، عليّاً أخي ، اشدد أزري وأشركه في أمري»(٣).
__________________
(١) الشافي ج٣ ص٧.
(٢) الشافي ج٣ ص ٧.
(٣) فضائل الصحابة ج٢ ص٨٤٣ ـ ٨٤٤ ح١١٥٩ ، تاريخ ابن عساكر ج٤٢ ص٥٢ ، الطيوريّات : ٧٥٣ ح٢٥م ، وابن مردويه والخطيب كما في الدرّ المنثور ج٥ ص٥٦٦ ،