المعتمد في الاستدلال بخبر الغدير على النصّ هو ما نرتّبه فنقول : إنّ النبيّ صلّى اللهُ عليه وآله استخرج من أمّته بذلك المقام الإقرار بفرض طاعته ، ووجوب التصرّف بين أمره ونهيه ، بقوله صلّى الله عليه وآله : (ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟) وهذا القول وإن كان مخرجه مخرج الاستفهام فالمراد به التقرير ، وهو جار مجرى قوله تعالى : (ألستُ بِرَبِّكُم) فلمّا أجابوه بالاعتراف والإقرار رفع بيد أمير المؤمنين عليه السلام وقال عاطفاً على ما تقدّم : (فمن كنت مولاه فهذا مولاه) وفي روايات أخرى (فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) فأتى عليه السلام بجملة يحتمل لفظها معنى الجملة الأولى التي قدمها وإن كان محتملاً لغيره ، فوجب أن يريد بها المعنى المتقدّم الذي قرّرهم به على مقتضى استعمال أهل اللغة وعرفهم في خطابهم ، وإذا ثبت أنّه صلّى الله عليه وآله أراد ما ذكرناه من إيجابه كون أمير المؤمنين عليه السلام أولى بالإمامة من أنفسهم ، فقد أوجب له الإمامة ، لأنّه لا يكون أولى بهم من أنفسهم إلاّ فيما يقتضي فرض طاعته عليهم ، ونفوذ أمره ونهيه فيهم ، ولن يكون كذلك إلاّ من كان إماماً»(١).
ولابدّ ـ هنا ـ من تحقيق ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند نزول هذه الآية يوم غدير خم.
فنقول : إنّ المشهور من حديث الغدير أنّه يقتصر على قوله (صلى الله عليه وآله) : «من
__________________
(١) الشافي ج٢ ص٢٦٠ ـ ٢٦١.