يستقيم» (١) ، حيث تصدّى بذلك للردّ على آراء المخالفين من الشيعة ممّن يتمسّك بخصوص قول المعصوم لضنّهم أنّه دليلٌ يغني الشيعة عن الأخذ بعلم الأُصول في مجال الأحكام الشرعية (٢) ، علماً بأنَّ ابن زهرة في هذا القسم ـ (أصول الفقه) ـ من الغنية قد سلك فيه طريق الإيجاز والاختصار ، حيث ذكر طرفاً من أصول الفقه ممّا يرتئيه كافياً لمقاصد كتابه وما عقده من أبحاث فقهية فيه قائلاً : «ونحن نورد من هذه الأُصول جملة موجزةً مختصرة تليق بغرض هذا الكتاب» (٣) ، فمن خلال هذه العبارة يتّضح أنّ ابن زهرة يعدّ أصول الفقه طريقاً مهمّاً في استنباط الفروع الفقهية ، وقد اهتمّ بهذا الجانب غاية الأهمّية بحيث اعتبر علم الأُصول طريقة حلٍّ متوخّاة للمباحث الفقهية ، وبناءً على هذا فقد اجتنب الخوض في مباحث غير ضرورية في هذا الفصل.
وبتصنيف كتاب غنية النزوع سعى ابن زهرة أن يجعل منه كتاباً جامعاً واستدلاليّاً وفي الوقت نفسه مختصراً وعارياً عن الزوائد وحاوياً على أُمّهات مباحث العلوم الدينية ، بحيث يمكننا أن نقول : إنّه قد أفلح في الوصول إلى غايته من تصنيف كتاب منسّق ومنظّم يعدُّ من المناهج العلمية للتدريس ، ولم نقل ذلك جزافاً وذلك لأنّ الكتاب يمتاز بجامعيته ونظمه المنطقي والطريقة
__________________
(١) نفس المصدر ، باب الأصولين : ٢٦٥ ؛ النسخة المصوّرة : ١٤٤.
(٢) غنية النزوع : ٢٦٥ ـ ٢٦٧ ؛ النسخة المصوّرة : ١٤٤ ـ ١٤٥.
(٣) (نفس المصدر ، باب الأصولين : ٢٦٧ ؛ النسخة المصوّرة : ١٤٥).