العلم الفذّ الحسن بن يوسف بن مطهّر الحلّي المعروف بـ العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ليقوما بردّ تلك الانتقادات وتنقيح وتثبيت مباني وآراء الشيخ الطوسي(١) بحيث إنّ جهود كبار علماء مدرسة الحلّة ـ التي يمكننا أن نسمّيها بمدرسة الشيخ الطوسي الجديدة ـ صارت سبباً في إحياء مدرسة الشيخ الطوسي وبسط نفوذها وإلقاء ظلالها على الحوزة العلمية الإمامية وهو الأمر الذي نرى آثاره واضحةً إلى يومنا هذا.
ولم يك ابن إدريس أوّل من قام ـ من بين علماء الإمامية ـ بنقد آراء ومباني الشيخ الطوسي ، بل هناك من قام قبله من العلماء بنقد بعض آرائه ـ خاصّة في مبناه في باب التعبّد بحجّية خبر الواحد ـ حيث فتحوا باب النقد والإجتهاد على مصراعيه والابتعاد عن حالة الجمود والتقليد كسديد الدين محمود بن علي الحمصي الرازي (ت ٥٧٣ هـ) وعزّ الدين حمزة بن علي ابن زهرة الحسيني الحلبي (ت ٥٨٥ هـ) ، فإنّ كتاب غنية النزوع إلى علمي الأُصول والفروع يعدُّ أهمَّ كتاب ظهر في تلك الحقبة الزمنية المتخلّلة بين عصر التقليد لآراء الشيخ الطوسي وبين عصر تنقيح وتثبيت تلك الآراء من قبل علماء مدرسة الحلّة ، وهو الكتاب الذي احتوى على ثلاثة علوم أساسية من العلوم الدينية الإمامية.
__________________
(١) (انظر مقدّمه اى بر فقه شيعة : ٤٩ ـ ٥٣) للاطّلاع على دور المحقّق الحلّي وتلميذه العلاّمة الحلّي في تهذيب وتوطيد مدرسة الشيخ الطوسي.