وظاهرة بروز أبحاث الفقه المقارن في الفقه الإمامي من الظواهر الإيجابية جدّاً الدالّة على تقدّم وسموّ الفقه الإمامي نفسه ، حيث نلاحظ ذلك جليّاً في المراحل اللاحقة.
ولم تتوقّف عملية التأليف في الفقه المقارن عند حدود تأليفات العلاّمة الحلّي رضياللهعنه وإنّما سار على نفس الطريق من بعده ، جملة من الأعلام ، حيث جاء بعد العلاّمة المحقّق الآبي ، وفخر المحقّقين ـ ولد العلاّمة ـ فنقلوا الفقه المقارن نقلة متميّزة فقارنوا بين آراء علماء الشيعة وأعملوا فيها النقد والإبرام مكان آراء علماء السنّة(١).
خامساً : تدوين القواعد الفقهية :
لم تشهد المراحل السابقة أي مؤلّف مستقلّ في موضوع (القواعد الفقهية) وإنّما كانت هذه القواعد مبثوثة في ضمن المباحث الفقهية.
ولهذه القواعد الفقهية أهمّيتها في عالم الاستنباط وممارسة الاستدلال الفقهي الاجتهادي ، حيث يستند إليها في كثير من أبواب ومباحث الفقه ، مثل ، قاعدة الطهارة ، والحلّية ، والتجاوز ، والفراغ ، كذلك قاعدة اليد ، والملكية .. وغيرها الكثير من هذه القواعد(٢).
وأوّل مؤلّف في موضوع «القواعد الفقهية» عند الإمامية هو كتاب
__________________
(١) جامع المقاصد ـ المقدّمة ١ / ٢٠.
(٢) للتوسّع ـ انظر : القواعد والفوائد للشهيد الأوّل ، ونضد القواعد الفقهية للمقداد السيوري ، وموسوعة القواعد الفقهية للسيّد البجنوردي.