القمّي : عن الباقر عليهالسلام : « فخيانة الله ورسوله معصيتهما » (١) .
ثمّ أنّه تعالى بعد النّهي عن خيانة نفسه وخيانة رسوله ، نهى عن خيانة النّاس بقوله : ﴿وَ﴾ لا ﴿تَخُونُوا﴾ ولا تضيّعوا ﴿أَماناتِكُمْ﴾ ولا تفرّطوا فيها فيما بينكم ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ حقيقة الخيانة وقبحها.
ومن المعلوم أنّ من الأمانات أحكام الله وفرائضه التي ائتمن الله عباده عليها ، كما عن الباقر عليهالسلام قال : « وأمّا خيانة الأمانة ، فكلّ إنسان مأمون على ما فرض الله عليه » (٢) .
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٨) و (٢٩)﴾
ثمّ لمّا كان الباعث إلى الخيانة حبّ المال والأولاد ، كما كان ذلك في نفس أبي لبابة ، ذمّهما سبحانه بقوله : ﴿وَاعْلَمُوا [ أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ] أَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ لمن آثر رضى ربّه على هوى نفسه ، وأطاع حكم الله ، وراعى حدوده وإن كان على ضرره وضرر أقاربه.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « لا يقولنّ أحدكم : اللهم إنّي أعوذ بك من الفتنة ؛ لأنّه ليس أحد إلّا وهو مشتمل على فتنة ، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلّات الفتن ، فإنّ الله سبحانه يقول : ﴿أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾(٣) .
ثمّ بالغ سبحانه في التّرغيب إلى طاعته وطاعة رسوله والنّصح له بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ﴾ بالمواظبة على طاعته وطاعة رسوله ، والنّصح لهما وترك الخيانة في أماناتهما وأمانات النّاس ﴿يَجْعَلْ لَكُمْ﴾ بسبب ذلك في قلوبكم ﴿فُرْقاناً﴾ ونورا تميّزون به بين الحقّ والباطل ، أو يعرّفكم امورا تفرّقون بها بين المحقّ والمبطل. عن القمّي : يعني العلم الذي به تفرّقون بين الحقّ والباطل (٤) .
﴿وَيُكَفِّرْ﴾ ويستر ﴿عَنْكُمْ﴾ في القيامة ﴿سَيِّئاتِكُمْ﴾ وزلّاتكم بأن يبدّلها بالحسنات ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ ذنوبكم ومعاصيكم بالعفو والتّجاوز عنها ﴿وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ والإحسان الجسيم ، ولذا يعطي الكثير بالقليل ، ويزيدكم من الثّواب على ما وعدكم به من الجنّة والنّعم الدّائمة ، والمقامات
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٧٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٩١.
(٢) تفسير القمي ١ : ٢٧٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٩١ ، وفيهما : ما أفترض الله عزوجل عليه.
(٣) مجمع البيان ٤ : ٨٢٤ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٩١.
(٤) تفسير القمي ١ : ٢٧٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٩٢.