نورهما ﴿فَإِنَّ اللهَ﴾ يعاقبه عقابا شديدا ، لكونه تعالى ﴿شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ على من أشرك به وعاده ، وعادى أولياءه ، وما نزل بهم في [ هذا ] اليوم قليل [ إذا قيس ] بما أعدّ لهم وحكم في حقّهم.
﴿ذلِكُمْ﴾ العذاب العاجل من القتل والخزي ، أيّها الكفار ﴿فَذُوقُوهُ﴾ واطعموا طعمه في الدّنيا ﴿وَ﴾ اعلموا ﴿أَنَّ لِلْكافِرِينَ﴾ في الآخرة ﴿عَذابَ النَّارِ﴾ الذي يكون ما نزل بكم بالنّسبة إليه يسيرا في الغاية.
القمّي رحمهالله : وخرج أبو جهل بين الصفّين فقال : اللهم إنّ محمدا قطعنا الرحم وأتانا بما لا نعرفه فأهنه الغداة - إلى أن قال القمّي : - ثمّ أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله كفّا من حصى فرمى به في وجوه قريش وقال : « شاهت الوجوه » ، فبعث الله رياحا تضرب وجوه قريش ، فكانت الهزيمة (١) ، فقتل منهم سبعون واسر سبعون.
والتقى عمرو بن الجموح مع أبي جهل ، فضرب [ عمرو ] أبا جهل على فخذه ، وضرب أبو جهل عمرا على يده ، فأبانها من العضد فتعلّقت بجلدة ، فاتّكأ عمرو على يده برجله ، ثمّ نزا (٢) في السّماء حتى انقطعت الجلدة ورمى بيده.
وقال عبد الله بن مسعود : انتهيت إلى أبي جهل وهو يتشحّط بدمه ، فقلت : الحمد لله الذي أخزاك ، فرفع رأسه فقال : إنّما أخزى عبد بن امّ عبد (٣) ، لمن الدّين ، ولمن الملك [ ويلك ] ؟ قلت : لله ولرسوله ، وإنّي قاتلك ، ووضعت رجلي على عنقه ، فقال : لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم ، أما إنّه ليس شيء أشدّ من قتلك إيّاي في هذا اليوم ، لا يولي قتلي إلّا رجل من المطلبيين (٤) أو رجل من الأحلاف ، فقلعت بيضة كانت على رأسه فقتلته ، وأخذت رأسه وجئت به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت : يا رسول الله البشرى ، هذا رأس أبي جهل ، فسجد لله شكرا.
وأسر أبو بشر الأنصاري العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ، وجاء بهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال له صلىاللهعليهوآله : « هل أعانك عليهما أحد ؟ » قال : نعم ، رجل عليه ثياب بيض ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ذاك من الملائكة. ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله للعباس : « افد نفسك وابن أخيك » ، فقال : يا رسول
__________________
(١) زاد في المصدر : فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اللهم لا يفلتن فرعون هذه الأمة أبو جهل بن هشام » .
(٢) نزا : وثب.
(٣) في المصدر : إنّما أخزى الله عبد بن امّ عبد الله.
(٤) في المصدر : هذا اليوم ألا تولى قتلى رجل من المطمئنين ، ولعل الصواب : المطيّبين ، وحلف المطيّبين : اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جذعان في الجاهلية ، وجعلوا طيبا في جفنة وغمسوا أيديهم فيه ، وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم فسموا المطيّبين ، وتعاقدت بنو عبد الدار مع جمح ومخزوم وعديّ وكعب وسهم هلفا آخر مؤكّدا ، فسمّوا الأحلاف لذلك. النهاية ٣ : ١٤٩.