﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)﴾
ثمّ قوّى سبحانه قلبه الشريف وآمنه من إضرارهم عليه بقوله : ﴿إِنَّ اللهَ﴾ بالولاية والتفضّل ﴿مَعَ﴾ المؤمنين و﴿الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ وتحرّزوا عن المعاصي وما يخالف رضاه ﴿وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ في أعمالهم ومؤدّون ما عليهم من تكاليف ربّهم ، أو المراد مع الذين اتّقوا مكافاة المسيء إليهم ، والذين هم محسنون إلى من عاداهم وأساء إليهم.
عن ابن عباس رضى الله عنه : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا رأى حمزة وقد مثّلوا به قال : « والله لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك » فنزل جبرئيل بخواتيم سورة النحل ، فكفّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمسك عمّا أراد (١).
وفي رواية اخرى قال : « أما والله لئن أظفرني الله بهم لأمثّلنّ بسعبين مكانك » (٢) . وقال الؤمنون : إن أظهرنا الله عليهم لنزيدنّ على صنعهم ولنمثّلنّ مثلة لم يمثّلها أحد من العرب بأحد قطّ (٣) .
وعن القمي ، قال : إنّ المشركين مثّلوا بأصحاب النبي صلىاللهعليهوآله الذين استشهدوا يوم احد ، وفيهم حمزة ، فقال المسلمون : أما والله لئن أدالنا الله عليهم لنمثّلنّ بأخيارهم ، وذلك قول الله تعالى : ﴿وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾(٤) يعني بالأموات (٥) .
قيل : إنّ الكفار مثلّوا بجميع المقتولين من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله في احد إلّا بحنظلة الملقّب بغسيل الملائكة بن أبي عامر الراهب لمكان كفر أبيه (٦) .
وعن العياشي ، عن الصادق عليهالسلام قال : « لمّا رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله ما صنع بحمزة بن عبد المطلب قال : اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان على ما رأى ، ثمّ قال : لئن ظفرت لأمثّلنّ وأمثّلنّ. قال : فأنزل الله ﴿وَإِنْ عاقَبْتُمْ﴾ الآية. فقال رسول الله : أصبر أصبر » (٧) .
قيل : إنّ سورة النّحل كلّها مكيّة إلّا هذه الآيات الثلاث (٨) .
عن الباقر عليهالسلام : « من قرأ سورة النحل في كلّ شهر دفع الله عنه المعرّة (٩) في الدنيا وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون والجذام والبرص ، وكان مسكنه في جنة عدن وهي وسط الجنان » (١٠) .
الحمد لله على التوفيق لاتمام تفسير سورة النحل ، وله المنّة.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٠ : ١٤١ ، تفسير البيضاوي ١ : ٥٦١.
(٢) تفسير البيضاوي ١ : ٥٦١ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٥٢.
(٣) تفسير روح البيان ٥ : ١٠٠.
(٤) النحل : ١٦ / ١٢٦.
(٥) تفسير القمي ١ : ٣٩٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٦٤.
(٦) تفسير روح البيان ٥ : ٩٩.
(٧) تفسير العياشي ٣ : ٢٩ / ٢٤٤٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٦٥.
(٨) مجمع البيان ٥ : ٥٣٥.
(٩) في النسخة : شهر كفى العزم.
(١٠) تفسير العياشي ٣ : ٣ / ٢٣٦١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٦٥.