إِلَيْهِمْ﴾ بواسطة الملك ، وقل يا محمّد لهم : إن لم تصدّقوا ذلك ﴿فَسْئَلُوا﴾ عن صدق ما أخبركم ﴿أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ والعلم بأحوال الرسل الماضية والكتب السماوية حتى
تعلموا صدق ما أخبركم به ﴿إِنْ كُنْتُمْ﴾ في الواقع ﴿لا تَعْلَمُونَ﴾ بذلك.
ثمّ كأنّ قائلا
قال : بما أرسل الرجال الموحى إليهم ؟ فأجاب سبحانه : ﴿بِالْبَيِّناتِ﴾ والمعجزات الباهرات ﴿وَالزُّبُرِ﴾ والكتب.
وقيل : إنّ
الجار والمجرور متعلّقان ب ( نوحي ) والمعنى : نوحي إليهم بالبينات من العلوم والمعارف والأخلاق والأحكام ، وبالزّبر
والكتب السماوية. أو متعلّقان ب ( تعلمون ) والمعنى : إن كنتم لا تعلمون بالكتب
السماوية والدفاتر المعروفة المتضمّنة لذكر أحوال الأنبياء السابقة.
قيل : إنّهما
متعلّقان ب ( الذكر ) والمعنى : فأسألوا أهل الذكر بالبينات والزّبر ، إن كنتم لا
تعلمون بها .
عن الباقر عليهالسلام ، قيل له : إن من عندنا يزعمون أنّ قول الله : ﴿فَسْئَلُوا
أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ أنّهم اليهود والنصارى ؟ قال : « اذا يدعوكم إلى دينهم » ثمّ أومأ إلى صدره وقال : « نحن أهل الذكر
ونحن المسؤولون » .
وعن السجاد عليهالسلام : « على الائمة [ من ] الفرض ما ليس على شيعتهم ، وعلى
شيعتنا ما ليس علينا ، أمرهم الله أن يسألونا ، قال : ﴿فَسْئَلُوا
أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ فأمرهم أن يسألونا ، وليس علينا الجواب ، إن شئنا أجبنا
، وإن شئنا أمسكنا » .
أقول : لا شبهة
أنّ الآية في المحاجّة مع المشركين وإلزامهم على ما هو طريقة العقلاء من رجوع
الجاهل إلى العالم ، والمراد بالعلماء في عصر النزول هم المطّلعون على أحوال الرسل
، فلا بدّ من حمل الروايتين على بيان عدم اختصاص أهل الذكر بعلماء أهل الكتاب ، بل
المراد عموم العلماء ، ووجوب السؤال عنهم عن جميع المطالب ، فلو وجب الرجوع إلى
أهل الكتاب في جميع المطالب حتى الأحكام لأجابوا بأحكام دينهم ودعوكم إلى العمل
بها ، فالمؤمنون مأمورون بالسؤال من علماء الاسلام ، والأئمّة أظهر مصاديقهم ، بل
هم المتعيّنون من بينهم ؛ لأنّ علمهم مأخوذ من الرسول والقرآن ، وعلم غيرهم مأخوذ
من أفواه الرجال.
عن الرضا عليهالسلام : « قال الله تعالى : ﴿قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ
ذِكْراً* رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ﴾ فالذكر
__________________