وأمّا الأنفال ، فعن ابن عباس وجماعة أنّها غنيمة بدر (١) . وقيل : هي أنفال السّرايا (٢) . وقيل : هي ما شذّ من المشركين من عبد أو جارية من غير قتال (٣) .
وعن الباقر والصادق عليهماالسلام : « الفيء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم ، أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم ، وما كان من أرض خربة أو بطون أودية ، فهو كلّه من الفيء والأنفال ، فهذا كلّه لله ولرسوله ، فما كان فهو لرسوله يضعه حيث يشاء ، وهو للإمام بعد الرسول » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، أو قوم صولحوا ، أو قوم أعطوا بأيديهم ، وكلّ أرض خربه وبطون الأودية فهو لرسول الله ، وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء» (٥) .
وعنه عليهالسلام : « من مات وليس له وارث ، فماله من الأنفال » (٦) .
وعن الباقر عليهالسلام : « لنا الأنفال » ، قيل : وما الأنفال ؟ قال : « منها المعادن والآجام ، وكلّ أرض لا ربّ لها ، وكلّ أرض باد أهلها فهو لنا » (٧) .
وقال : « ما كان للملوك فهو من الأنفال » (٨) .
أقول : لا شكّ أنّ المراد بالسؤال في الآية الغنائم ؛ كما عن ابن عباس وعن الصادق عليهالسلام ، لوضوح أنّه لم يكن في غنائم بدر شيء من الأمور المذكورة في الروايات ، وإنّما هو المقصود من الأنفال الذي أطلق في غير الآية ، أو معناه الأعمّ من الأمور المذكورة والغنائم ، وإن وقع السؤال في بدر من الغنائم.
ولمّا كان التّنازع محرّما أمر المؤمنين بالتّقوى بقوله : ﴿فَاتَّقُوا اللهَ﴾ وخافوا عقابه أيّها البدريّون ، ولا تقدموا على معصية واتركوا المنازعة ، وارضوا بما حكم به الرسول صلىاللهعليهوآله ﴿وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ﴾ من الأحوال بالمواساة فيما رزقكم الله والأقوال ، ولا تنازعوا.
ثمّ أكّد الأمر بالتّقوى بقوله : ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ في أوامره ونواهيه ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ بهما عن صميم القلب ، فإنّ الإيمان لا يتمّ إلّا بالطّاعة.
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ
زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ
__________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٧٩٥.
(٢) مجمع البيان ٤ : ٧٩٦.
(٣) تفسير الرازي ١٥ : ١١٥.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ١٨٢ / ١٦٨٧ ، التهذيب ٤ : ١٣٤ / ٣٧٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٦٦.
(٥) الكافي ١ : ٤٥٣ / ٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٦٦.
(٦) تفسير الصافي ٢ : ٢٦٦.
(٧) تفسير العياشي ٢ : ١٨٣ / ١٦٩١ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٦٧.
(٨) تفسير الصافي ٢ : ٢٦٧.