في تفسير سورة الحجر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ * رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا
مُسْلِمِينَ (١) و (٢)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة إبراهيم التي فيها إثبات النبوة والتوحيد والمعاد ، والإشارة إلى شبهات المشركين في النبوّة ورفعها ، ومكرهم في إطفاء نور الحقّ ، وحكاية ابتلاء الامم السابقة بالعذاب على معارضة الرسل ، وبيان حكمة تأخير العذاب عن هذه الأمّة ، وتهديدهم بعذاب الآخرة ، وحكاية دعاء إبراهيم عليهالسلام لأولاده ، وشكره على نعمة ولادة إسماعيل وإسحاق له ، أردفت بسورة الحجر التي فيها إثبات النبوة ، وتهديد منكريها بالعذاب الاخروي ، وبيان حكمة تأخير العذاب الدنيوي عن الأمم ، وذكر شبهات المشركين في نبوة النبي صلىاللهعليهوآله ودفعها ، وحكاية بشارة إبراهيم عليهالسلام بولادة إسحاق ، وتفصيل مكر الله في حقّ بعض الامم بتعذيبهم كقوم لوط وأصحاب الأيكة والحجر إلى غير ذلك من المطالب المناسبة لما في السورة السابقة ، فابتدأ بذكر أسمائه المباركات بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
ثمّ افتتحها بالحروف المقطّعات بقوله : ﴿الر﴾ وقد مرّ تأويلها وحكمة الافتتاح بها.
ثمّ بيّن عظمة القرآن بقوله : ﴿تِلْكَ﴾ السورة العظيمة الشأن ، أو الآيات المباركات التي نزل بها جبرئيل هي ﴿آياتُ الْكِتابِ﴾ الذي وعدنا محمدا صلىاللهعليهوآله بنزوله عليه ، أو بشّر الأنبياء السالفة بنزوله في آخر الزمان ، أو آيات اللّوح الحفوظ ، أو آيات الكتاب الكامل الحقيق باختصاص اسم الكتاب به ﴿وَقُرْآنٍ مُبِينٍ﴾ وموضح لمجملات الكتب السماوية ، أو مبين للحقّ وجميع الأحكام ، أو مفهم الناس جميع ما يحتاجون إليه ولو بتشريح الراسخين في العلم مبهماته وتبيينهم مجملاته.
ثمّ أنه تعالى بعد تعظيم كتابه وتوصيفه بالصفات الجليلة الموجبة لتوجّه القلوب إلى حسن تلقّيه ، وكمال التدبّر فيه ، والتصديق بنبوة النبي المتحدّي به ، والاعتقاد بصحّة دينه - وهو الإسلام - هدّد