لابراهيم عليهالسلام : ﴿لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾(١) أي المشركين ، لأنّه سمّى الشرك ظلما بقوله : ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾(٢) فلمّا علم إبراهيم عليهالسلام أنّ عهد الله تبارك وتعالى اسمه بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام قال : ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ﴾(٣) .
وفي رواية ( الأمالي ) : عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « فانتهت الدعوة إليّ وإلى أخي عليّ لم يسجد أحد منّا لصنم قطّ ، فاتّخذني نبيا وعليا وصيا » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام ، أنّه أتاه رجل فسأله عن شيء فلم يجبه ، فقال له الرجل : فان كنت ابن أبيك فانّك من أبناء عبدة الأصنام. فقال له : « كذبت إن الله أمر إبراهيم أن ينزل إسماعيل بمكّة ففعل ، فقال إبراهيم : ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ﴾ فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما ، ولكن العرب عبدة الأصنام ، وقالت بنو إسماعيل : هؤلاء شفعائنا عند الله فكفرت ولم تعبد الأصنام » (٥) .
وقيل : إن دعاءه كان لأولاده من صلبه ، وهم إسماعيل وإسحاق (٦) .
وقيل : لأولاده الذين كانوا في عصره (٧) .
﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)﴾
ثمّ بين عليهالسلام أنّ علة سؤال عصمة أولاده من عبادة الأصنام ، شيوع الشرك بين الناس بقوله : ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ﴾ وصرن أسبابا لبعد غالب الخلق عن الحقّ ، ثمّ أظهر غاية حبّه للموحّدين المطيعين لله ترغيبا للنّاس إلى التوحيد وطاعة الله ، وإظهارا لتبعية حبّه لحبّ الله بقوله : ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي﴾ من الناس كان من أولادي أو غيرهم في ديني من عقائدي وأعمالي ﴿فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ وبمنزلة عضو من أعضائي لفرط اختصاصه بي وحبّي إياه.
ثمّ أظهر عطوفته بعامة الناس بشفاعته في أهل الكبائر منهم بقوله : ﴿وَمَنْ عَصانِي﴾ وخالف أحكامك التي بلغتها إليه ، فاغفر له ﴿فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ بالمؤمنين العصاة فلا تحرمه من غفرانك ورحمتك.
عن الصادق عليهالسلام : « من اتّقى الله منكم وأصلح فانه منّا أهل البيت » [ قيل : منكم أهل البيت ؟ قال : « منا
__________________
(١) البقرة : ٢ / ١٢٤.
(٢) لقمان : ٣١ / ١٣.
(٣) الاحتجاج : ٢٥١ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٩.
(٤) أمالي الطوسي : ٣٧٩ / ٨١١ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٩.
(٥) تفسير العياشي ٢ : ٤١٤ / ٢٢٨٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٩.
(٦) تفسير الرازي ١٩ : ١٣٢.
(٧) تفسير الرازي ١٩ : ١٣٣.