قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]

    تحمیل

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]

    504/652
    *

    وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٩) و (١٢)

    ثمّ بالغ عليه‌السلام في وعظهم بتذكيرهم الوقائع العظيمة والبلايا النازلة على مكذبي الرسل بقوله : ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ﴾ ولم يبلغكم يا قوم ﴿نَبَؤُا﴾ الامم ﴿الَّذِينَ﴾ كانوا ﴿مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ وفي الأعصار السابقة على عصركم من ﴿قَوْمِ نُوحٍ﴾ كيف اهلكوا بالطوفان ﴿وَ﴾ قوم ﴿عادٍ﴾ كيف اهلكوا بريح صرصر عاتية ﴿وَ﴾ قوم ﴿ثَمُودَ﴾ كيف اهلكوا بالرجفة ﴿وَالَّذِينَ﴾ كانوا ﴿مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ كقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وغيرهم من الأقوام الذين ﴿لا يَعْلَمُهُمْ﴾ عددا وحالا ﴿إِلَّا اللهُ﴾ لكثرتهم وقطع الأخبار عنهم.

    ثمّ كأنه قيل : ما كان إجمال قصّتهم ؟ فأجاب سبحانه بقوله : ﴿جاءَتْهُمْ﴾ من قبل الله ﴿رُسُلُهُمْ﴾ المبعوثون لهدايتهم مستدلّين ﴿بِالْبَيِّناتِ﴾ الباهرات على صدق نبوتهم ، ليخرجوهم من الظلمات إلى النور وينجوهم من الكفر والجهالة ويهدوهم إلى الحقّ ، فلمّا دعوا أقوامهم إليه ﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ﴾ ليعضّوها تضجّرا من مقالة الرسل ، كما عن ابن عباس وابن مسعود (١) .

    وقيل : وضعوها عليها تعجّبا من قولهم واستهزاء بهم ، أو أمرا لهم بالكفّ وبإطباق أفواههم (٢) ، أو إشارة إلى ما يصدر من ألسنتهم من المقالة اعتناء بشأنها ، وتنبيها للرسل على تلقّيها والمحافظة عليها ، وإقناطا لهم عن تصديقهم والإيمان بهم.

    وقيل : يعني ردّ الأقوام أيديهم في أفواه الرسل ليمنعوهم من التكلّم بالدعوة (٣) .

    وقيل : يعني ردّ الرسل أيديهم في أفواههم تعجّبا من عتوّهم وعنادهم (٤)﴿وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ﴾ بزعمكم من وجوب عبادة إله السماء وتوحيده ، أو من المعجزات التي أتيتم بها وأنكرناها ﴿وَإِنَّا لَفِي شَكٍ﴾ عظيم ﴿مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ﴾ من التوحيد والرسالة ﴿مُرِيبٍ﴾ ذلك الشكّ ، وموقع قلوبنا في القلق والاضطراب بحيث لا يطمئنّ بشيء ﴿قالَتْ رُسُلُهُمْ﴾ إنكارا عليهم وتعجّبا من مقالتهم الحمقاء : ﴿أَفِي﴾ شأن ﴿اللهِ﴾ من وجوده وتوحيده ووجوب الايمان به ﴿شَكٌ﴾ ما ، مع أنّه أظهر من كلّ شيء ، لكونه ﴿فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ ومبدعهما ، لوضوح كونهما حادثين معروضين للحركة والتغيير ، وكونهما حتمين مقدرين محدودين ، فاذا ثبت حدوثهما فلا بدّ من انتهاء وجودهما إلى موجد واجب ، فمن كان العالم من السماوات والأرض وما فيهما شاهدا على وجوده يكون أظهر من كلّ ظاهر.

    __________________

    (١) مجمع البيان ٦ : ٤٦٩ ، تفسير الرازي ١٩ : ٨٩.

    (٢) تفسير أبي السعود ٥ : ٣٦.

    (٣) تفسير الرازي ١٩ : ٨٩ ، تفسير أبي السعود ٥ : ٣٦.

    (٤) تفسير أبي السعود ٥ : ٣٦.