وقيل : أيام الله : نعمائه وبلاياه (١) ، والمعنى : رغّبهم في الطاعة بتذكيرهم النّعم التي أنعم الله عليهم وعلى من قبلهم من مصدّقي الرسل ، وحذّرهم عن التكذيب والمخالفة بالبلايا النازلة على مكذّبي الرسل.
عن الصادق عليهالسلام : « بنعم الله وآلائه » (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام : « أيام الله عزوجل [ ثلاثة ] : يوم قيام القائم ، ويوم الكرّة ، ويوم القيامة » (٣).
ثمّ نبّه سبحانه على علّة التّذكار بقوله : ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ المذكور من الأيام والوقائع والله (٤)﴿لَآياتٍ﴾ وعلامات لتوحيد الله وقدرته وعظمته ، ولكن الانتفاع بها ﴿لِكُلِ﴾ مؤمن ﴿صَبَّارٍ﴾ على لا الشدائد والطاعات وكلّ ﴿شَكُورٍ﴾ لنعم الله.
﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ
يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ
بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦)﴾
ثمّ أمر سبحانه بتذكّر قيام موسى عليهالسلام بأداء وظيفته بقوله : ﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ﴾ يا بني إسرائيل ﴿اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ﴾ وخلّصكم بلطفه ﴿مِنْ﴾ أيدي ﴿آلِ فِرْعَوْنَ﴾ وقومه فانّهم كانوا ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ ويذوقونكم أو يكلّفونكم ﴿سُوءَ الْعَذابِ﴾ وشديده من استعبادكم وتحميل الأعمال الشاقة عليكم والإهانة لكم (٥) ، ﴿وَ﴾ كانوا ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ﴾ المولودين لكم ، ويكثرون القتل فيهم ﴿وَيَسْتَحْيُونَ﴾ ويستبقون ﴿نِساءَكُمْ﴾ من الأزواج والبنات ، ليكن إماءهم ﴿وَفِي ذلِكُمْ﴾ المذكور من الأعمال الفظيعة أو الانجاء ﴿بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ شأنه.
﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ * وَقالَ
مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٧) و (٨)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد تذكيرهم نعمة ربهم ، حثّهم على الشكر بقوله : ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ﴾ وأوجب ﴿رَبُّكُمْ﴾ على نفسه ، أو المراد : واذكروا حين نادى بلسان رسله فيكم ، أيّها الناس والله ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ﴾ نعمي
__________________
(١) تفسير البيضاوي ١ : ٥١٣ ، تفسير أبي السعود ٥ : ٣٣.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ٤٠٣ / ٢٢٦٠ ، مجمع البيان ٦ : ٤٦٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٠.
(٣) الخصال : ١٠٨ / ٧٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٠.
(٤) كذا ، ولا موضع للقسم في الآية.
(٥) في النسخة : بكم.