هي الصاعقة » (١) .
قيل في شأن نزول الآية : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بعث رجلا إلى واحد (٢) من فراعنة العرب ، قال : « فاذهب وادعه لي » فقال : يا رسول الله ، إنّه أعتى من ذلك. قال : « فاذهب فادعه لي » قال : فذهبت إليه فقلت : يدعوك رسول الله ، فقال : وما الله ؟ أ ذهب هو ، أم فضّة ، أم من نحاس ؟ قال الراوي - وهو أنس - : فرجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره وقال : قد أخبرتك أنّه أعتى من ذلك ، قال لي كذا وكذا قال : « فارجع إليه الثانية فادعه » فرجع إليه فأعاد عليه مثل الكلام الأول ، فرجع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فأخبره ، فقال : « ارجع إليه » فرجع إليه الثالثة فأعاد عليه مثل ذلك الكلام ، فبينما هو يكلّمه إذ بعث الله سحابه حيال رأسه فرعدت ، فوقع منها صاعقة فذهبت بقحفة رأسه ، فأنزل الله ﴿وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ﴾(٣) .
عن الصادق عليهالسلام : « أنّ الصواعق لا تصيب ذاكرا » . قيل : من الذاكر ؟ قال : « من قرأ مائة آية » (٤) .
ثمّ وبّخ سبحانه المشركين بقوله : ﴿وَهُمْ﴾ مع تلك الآيات الباهرة الدالة على توحيد الله وقدرته ﴿يُجادِلُونَ﴾ ويشدّدون الخصومة ﴿فِي﴾ توحيد ﴿اللهِ﴾ ويكذّبون الرسول الداعي إليه الواصف له بالعظمة والقدرة ﴿وَهُوَ﴾ تعالى ﴿شَدِيدُ الْمِحالِ﴾ وعظيم الكيد لأعدائه ، فانّه يهلكهم من حيث لا يشعرون.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « شديد الأخذ » (٥) . وعن القمي : شديد الغضب (٦) . عن ابن عباس : شديد الحول (٧) . وقيل : شديد العقوبة (٨) . وقيل : شديد الفقار ، وهو مثل في القوة (٩) .
عن ابن عباس : نزلت هذه الآية والتي قبلها في عامر بن الطفيل وإربد بن قيس - وهو أخو لبيد (١٠) بن ربيعة الشاعر لأمّه - وذلك أنّهما أقبلا يريدان رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، هذا عامر بن الطّفيل قد أقبل نحوك. قال : « دعه ، فان يرد الله به خيرا يهده » . فأقبل حتّى قام عليه فقال : يا محمد ، مالي إن أسلمت ؟ قال : « لك ما للمسلمين ، وعليك ما عليهم » قال : أ تجعل لي الأمر بعدك ؟ قال : لا ، ليس ذلك إليّ ، إنّما ذلك إلى الله تعالى يجعله حيث يشاء » . قال : أسلم على أن لك المدر ، ولي الوبر ؟ يعني لك ولاية القرى ، ولي ولاية البوادي. قال : « لا » . قال : فماذا تجعل لي ؟ قال : « أجعل
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٣٥٣.
(٢) في تفسير روح البيان : رجل.
(٣) تفسير روح البيان ٤ : ٣٥٣.
(٤) الكافي ٢ : ٣٦٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٦٢.
(٥) مجمع البيان ٦ : ٤٣٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٦٢.
(٦) تفسير القمي ١ : ٣٦١ ، تفسير الصافي ٣ : ٦٢.
(٧ و٨) تفسير الرازي ١٩ : ٢٨.
(٩) تفسير أبي السعود ٥ : ١١.
(١٠) في النسخة : يعبد.