في تفسير سورة الرعد
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
لا يُؤْمِنُونَ (١)﴾
ثمّ لمّا نبّه سبحانه إجمالا بقوله : ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾(١) إلى آخره ، على أن العالم مملوء من آيات توحيده وقدرته وحكمته وكمال صفاته ، ثمّ وصف في آخر السورة كتابه العزيز بأنّه تفصيل كلّ شيء ، وكانت آيات أوائل سورة الرعد تفصيل الآيات السماوية والأرضية ، أردف سورة يوسف بها ، فابتدأها تيمّنا وتبرّكا بذكر أسمائه المباركات بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ ثمّ أفتتحها بالحروف المقطّعات من قوله : ﴿المر﴾ وقد مرّ تأويلها وبيان حكمة الابتداء بها (٢) .
عن الصادق عليهالسلام : « معناه أنا المحيي المميت الرازق » (٣) .
وعن ابن عبّاس : أي أنا الله أعلم وأرى (٤) .
وفي نقل آخر : أنا الله الملك الرحمن (٥) .
ثمّ أنه تعالى بعد جلب القلوب بذكر الحروف إلى الاستماع ، شرع في بيان أهمّ المطالب ، وهو عظمة الكتاب المجيد ، الدالّ على صحّة نبوة نبيّه صلىاللهعليهوآله وصحّة دين الاسلام بقوله : ﴿تِلْكَ﴾ الآيات المرتّبة في هذه السورة المباركة ﴿آياتُ الْكِتابِ﴾ المنزل عليك يا محمّد ، ليكون معجزة باقية لك إلى آخر الدهر ، أو آيات الكتاب المنير الذي هو اللوح ، أو الذي بشّر الله الأنبياء بنزوله في آخر الزمان ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ في ذلك الكتاب من المعارف والأحكام والقصص والمواعظ هو ﴿الْحَقُ﴾ الثابت الذي يجب على الناس التمسّك به والاتّباع له ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ وأغلبهم ، وهم
__________________
(١) يوسف : ١٢ / ١٠٥.
(٢) راجع الطرفة (١٨) من مقدمة المفسّر.
(٣) معاني الأخبار : ٢٢ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٥٦.
(٤) تفسير الرازي ١٨ : ٢٣٠ ، تفسير روح البيان ٤ : ٣٣٤.
(٥) تفسير الرازي ١٨ : ٢٣٠.