أهل العالم من الأبيض والأسود والعرب والعجم ﴿إِلَى﴾ توحيد ﴿اللهِ﴾ ذاتا وصفاة وأفعالا ، وإلى دينه وطاعته ، حال كوني ﴿عَلى بَصِيرَةٍ﴾ كاملة ، وحجّة قاطعة ، وبرهانا واضحا ، بل على تنوّر القلب وشهود به لما اعتقده وأدعو إليه ، ولا أكون متفرّدا بهذه الطريقة ، بل ﴿أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ من الأنبياء السابقين والأولياء اللاحقين والمؤمنين الكمّلين عليها.
روى العلامة في ( نهج الحق ) عن العامة قوله تعالى : ﴿أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ هو علي (١) .
عن الباقر عليهالسلام : « ذاك رسول الله وأمير المؤمنين والأوصياء من بعدهما » (٢) .
وعنه عليهالسلام : « عليّ اتّبعه » (٣) .
وعن الجواد عليهالسلام حين أنكروا عليه حداثة سنّة قال : « وما تنكرون ؟ قال الله لنبيه صلىاللهعليهوآله : ﴿قُلْ هذِهِ سَبِيلِي﴾ الآية ، فو الله ما تبعه إلّا عليّ وله تسع سنين ، وأنا ابن تسع سنين » (٤) .
ثمّ بالغ في الاعلان بتوحيد الله بتنزيهه عن الشرك بقوله : ﴿وَسُبْحانَ اللهِ﴾ عمّا يقول الظالمون من الإشراك ، ثمّ بالتبرّي منه بقوله : ﴿وَما أَنَا﴾ أيها الناس ﴿مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ الذين اتّخذوا لله ضدّا وندّا وولدا.
وفي رواية عن الصادق عليهالسلام في تفسير ﴿سُبْحانَ اللهِ﴾ قال : « تنزيهه » (٥) .
وفي رواية اخرى ، قال : « أنفة الله ، أما ترى الرجل إذا عجب من الشيء قال : سبحان الله»(٦).
﴿وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ
اتَّقَوْا أَ فَلا تَعْقِلُونَ * حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ
نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٠٩) و (١١٠)﴾
ثمّ لمّا كان من شبهات المشركين في نبوته صلىاللهعليهوآله أنّ الله لو أراد أن يرسل رسولا لأرسل ملكا ، فردّ الله عليهم بقوله : ﴿وَما أَرْسَلْنا﴾ إلى الناس ﴿مِنْ قَبْلِكَ﴾ وفي الأزمنة السابقة على إرسالك لتبليغ التوحيد والمعارف والأحكام وهداية البشر ﴿إِلَّا رِجالاً﴾ مثل سائر الرجال يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق ، وإنّما كانوا يمتازون من غيرهم بأنّا كنّا ﴿نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ العلوم والمعارف
__________________
(١) نهج الحق وكشف الصدق : ١٩٦.
(٢) الكافي ١ : ٣٥٢ / ٦٦ ، مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٣٧٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٥٣.
(٣) روضه الواعظين : ١٠٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٥٣.
(٤) الكافي ١ : ٣١٥ / ٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٥٣.
(٥) الكافي ١ : ٩٢ / ١١ ، تفسير الصافي ٣ : ٥٤.
(٦) الكافي ٣ : ٣٢٩ / ٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٥٣.