على يعقوب [ إنّما ] كانت بجنايتهم على يوسف ، فبادر يوسف إلى العفو [ عن حقّه ] ، وأخّر يعقوب العفو لأنّ عفوه [ إنّما ] كان عن حقّ غيره ، فأخّرهم إلى السحر ليلة الجمعة » (١) .
وعن الشّعبي ، قال : « قال : ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ قال : أسأل يوسف ، فان عفا عنكم استغفر لكم ، فأخّر الاستغفار إلى وقت الاجتماع بيوسف » (٢) .
ثمّ أنّهم خرجوا من كنعان متوجّهين إلى مصر ، فلمّا دنوا منه أخبر بذلك يوسف ، فاستقبلهم مع الملك الأكبر ريّان في أربعة آلاف من الجند ، وقيل : في ثلاثمائة ألف فارس والعظماء وأهل مصر ، ومع كلّ فارس جنّة من فضة وراية من ذهب ، فتزينت الصحراء بهم ، واصطفوا صفوفا ، وكان الكلّ غلمان يوسف ومراكبه ، وصعد يعقوب وأولاده تلّا نظروا إلى الصحراء مملوءة من الفرسان ، مزينة بالألوان ، فتعجّب من ذلك فقال له جبرئيل : انظروا إلى الهواء ، فانّ الملائكة قد حضرت سرورا بحالكم ، كما كانوا محزونين مدّة لأجلك ، ثمّ نظر يعقوب إلى الفرسان فقال : إنّ فيهم ولدي يوسف : فقال جبرئيل : هو ذاك فوق رأسه الظّلّة ، فلم يتمالك أن دفع نفسه عن البعير ، فجعل يمشي متوكّأ على يهودا ، فقال جبرئيل : يا يوسف ، إنّ أباك يعقوب قد نزل لك فانزل له منزلا ، فنزل من فرسه ، وجعل كل واحد منهما يعدو إلى الآخر ، فلمّا تقرّبا قصد يوسف أن يبدأ بالسلام ، فقال جبرئيل : لا ، حتى يبدأ يعقوب به لأنّه أفضل وأحقّ. فابتدأ يعقوب بالسلام ، وقال : السّلام عليك يا مذهب الأحزان ، فتعانقا وبكيا سرورا ، وبكت ملائكة السماء ، وماج الفرسان بعضهم في بعض وصهلت الخيول وسبّحت الملائكة (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ يوسف لمّا قدم على (٤) الشيخ يعقوب دخله عزّ الملك فلم ينزل إليه ، فهبط عليه جبرئيل ، فقال : يا يوسف ، ابسط راحتك ، فخرج منها نور ساطع ، فصار في جوّ السماء » فقال يوسف : يا جبرئيل ، ما هذا النور الذي خرج من راحتي فقال : نزعت النبوة من عقبك عقوبة لمّا لم تنزل إلى الشيخ يعقوب ، فلا يكون في عقبك نبي » (٥) .
﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ
آمِنِينَ (٩٩)﴾
__________________
(١) علل الشرائع : ٥٤ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٦.
(٢) تفسير روح البيان ٤ : ٣١٨.
(٣) تفسير روح البيان ٤ : ٣١٩.
(٤) في الكافي وتفسير الصافي : عليه.
(٥) الكافي ٢ : ٢٣٥ / ١٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٧.