الصّغار والذّل (١) .
عن العياشي عنهما عليهماالسلام : « أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : لو كنت بمنزلة يوسف حين أرسل إليه الملك يسأله عن رؤياه ما حدّثته حتّى اشترط عليه أن يخرجني من السجن ، وتعجبت (٢) لصبره عن شأن امرأة الملك حتّى أظهر الله عذره » (٣) .
﴿قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ
سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ
الصَّادِقِينَ (٥١)﴾
ثمّ قيل : إنه لمّا رجع الرسول إلى الملك وأخبره بالتماس يوسف ، أمر باحضار النسوة (٤) . و﴿قالَ﴾ لهن ﴿ما خَطْبُكُنَ﴾ وأي شأن شأنكنّ ﴿إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ﴾ قيل : إنّ الخطاب في الواقع والظاهر للنسوة ؛ لأنّ كلّ واحدة منهنّ كنّ يدعين يوسف إلى نفسه أو كلّ يراودنّ (٥) يوسف ليهيجنه لإجابة زليخا (٦) .
وقيل : إنّ الخطاب وإن كان في الظاهر إليهنّ إلّا أنه أريد به واحدة منهنّ (٧) وهي زليخا (٨) ، وعلى أي تقدير ﴿قُلْنَ﴾ جميعهنّ في جواب الملك : ﴿حاشَ لِلَّهِ﴾ وننزّهه عن العجز من خلق هذا البشر العفيف ﴿ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ وذنب وخيانة ، فلمّا شهدن (٩) كلّهن ببراءة يوسف وتنزّهه ﴿قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ﴾ وكانت حاضرة في المجلس بعد ما رأت رعايه يوسف حقّها بتركه ذكر اسمها مع النسوة مع أنّها كانت أكثر إساءة إليه ، وأنّه لا ينفع الكتمان : ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ﴾ وانكشفت حقيقية الواقع ﴿أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ وطلبت منه القرب ﴿وَإِنَّهُ﴾ - في قوله : هي راودتني - والله ﴿لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾
﴿ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (٥٢)﴾
قيل : إن الملك أرسل إلى يوسف بأن النسوة اعترفن بذنبهن وبراءتك ، فاحضر حتى اعاقبهن بحضورك بما تريد. قال يوسف للرسول في جواب الملك : ﴿ذلِكَ﴾ الالتماس الذي صدر منّي لم
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٢٧٢.
(٢) في تفسير العياشي : وعجبت.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٤٦ / ٢١٠٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٥.
(٤) تفسير الرازي ١٨ : ١٥٣.
(٥) في النسخة : يراودون.
(٦) تفسير الرازي ١٨ : ١٥٣.
(٧) في النسخة : منهم.
(٨) تفسير الرازي ١٨ : ١٥٣.
(٩) في النسخة : شهدت.