﴿وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ
فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (٤٢)﴾
﴿وَقالَ﴾ يوسف ﴿لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا﴾ وعلم بحصول مكانه له عند الملك ، وقيل : إن المراد بمن ظنّ هو الساقي ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ وسيدك ، وقل له : غلام محبوس في السجن قد طال حبسه لعلّه يرحمني ويخلّصني منه (١) ، فلمّا نجا الساقي وتقرّب إلى الملك اشتغل بجمع الأموال وانغمر في اللذائذ والحظوظ ﴿فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ﴾ بصرف قلبه إلى المهام الدنيوية ﴿ذِكْرَ﴾ يوسف عند ﴿رَبِّهِ﴾ وسيده ، أو أنسى الشيطان يوسف ذكر ربّه وخالقه حتى توسّل بغيره في خلاصه ﴿فَلَبِثَ﴾ وأقام ﴿فِي السِّجْنِ﴾ عقوبة على توسّله بغير الله ﴿بِضْعَ سِنِينَ﴾ وسبعة أعوام من يوم التوسّل.
عن الصادق عليهالسلام : « لم يفرغ (٢) يوسف في حاله إلى الله فيدعوه ، فلذلك قال الله : ﴿فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾(٣) .
وفي رواية قال : « سبع سنين » (٤) .
قال : « فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك : يا يوسف ، من أراك الرؤيا التي رأيتها ؟ فقال : أنت يا ربّي. قال : فمن حبّبك إلى أبيك ؟ قال : أنت يا ربي. قال : فمن وجّه السيارة إليك ؟ قال : أنت يا ربي. قال : فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجبّ فرجا ؟ قال : أنت يا ربي. قال : فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا ؟ قال : أنت يا ربي. قال : فمن أنطق لسان الصبي بعذرك ؟ قال : أنت يا ربي. قال : فمن صرف كيد امرأة العزيز والنسوة عنك ؟ قال : أنت يا ربي قال : فمن ألهمك تأويل الرؤيا ؟ قال : أنت يا ربي. قال : فكيف استعنت (٥) بغيرى ولم تستعن (٦) بي ؟ وتسألني أن اخرجك من السجن واستعنت (٧) وأمّلت عبدا من عبادي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي ، ولم تفزع إليّ ، البث في السجن بذنبك بضع سنين » (٨) .
وفي رواية : « ذكر عند كلّ وحي (٩) فصاح ووضع خده على الأرض ، ثمّ قال : أنت يا ربي»(١٠) .
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « رحم الله أخي يوسف ، لو لم يقل اذكرني عند ربك ، لما لبث في السجن سبعا بعد
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٢٦٣.
(٢) في تفسير العياشي وتفسير الصافي : يفزع.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٤٢ / ٢٠٩٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٢.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ٣٤٥ / ٢١٠٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٢.
(٥) في تفسير العياشي : استغثت.
(٦) في تفسير العياشي : تستغث.
(٧) في تفسير العياشي : واستغثت.
(٨) تفسير العياشي ٢ : ٣٤٣ / ٢٠٩٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٢.
(٩) في تفسير الصافي : وفي رواية اخرى عنه عليهالسلام اقتصر على بعضها وزاد في كل مرّة.
(١٠) تفسير العياشي ٢ : ٣٤٥ / ٢١٠٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٢.