دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ
إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ
خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠١) و (١٠٣)﴾
ثمّ نبّه سبحانه على أن تعذيب أهالي القرى كان بمقتضى العدل بقوله : ﴿وَما ظَلَمْناهُمْ﴾ بتعذيبهم ﴿وَلكِنْ﴾ هم ﴿ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ بتعريضها للهلاك بسبب اختيارهم الكفر ، وارتكابهم العصيان.
ثمّ وبّخهم على عبادة الأصنام بقوله : ﴿فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ﴾ وما نفعتهم في دفع العذاب عنهم بالقدرة أو الشّفاعة ﴿آلِهَتُهُمُ﴾ وأصنامهم ﴿الَّتِي﴾ كانوا ﴿يَدْعُونَ﴾ ويعبدونها ﴿مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ يسير ﴿لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ وعذابه ، لعدم قدرتهم ومكانتهم عند الله ﴿وَما زادُوهُمْ﴾ بعبادتهم ﴿غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ وهلاك وتخسير.
ثمّ بيّن سبحانه عموميّة عذابه لكلّ امّة ظالمة بقوله : ﴿وَكَذلِكَ﴾ الأخذ الشّديد الذي كان للامم المذكورة ﴿أَخْذُ رَبِّكَ﴾ وعذابه ﴿إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ﴾ وعذّب أهاليها وهم كفّار طغاة ﴿إِنَّ أَخْذَهُ﴾ وعذابه ﴿أَلِيمٌ﴾ وموجع ﴿شَدِيدٌ﴾ في الغاية.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّ الله يمهل الظّالم حتّى إذا أخذه لم يفلته » . ثمّ تلا هذه الآية (١) .
﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ الأخذ للامم الهالكة ، أو في المذكور من قصصهم ﴿لَآيَةً﴾ وعبرة كاملة ، وموعظة شافية ﴿لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ﴾ لأنّه المعتبر به ، حيث إنّه يستدلّ بما حاق بهم من العذاب في الدّنيا بسبب الكفر والعصيان على شدّة عذاب الآخرة. وأمّا من ينكر الآخرة ، فإنّه لا يتأثّر بهذه الحوادث ، لأنّه يسندها إلى الأوضاع الفلكيّة والأسباب الاتّفاقيّة.
ثمّ وصف سبحانه يوم القيامة ترهيبا للقلوب بقوله : ﴿ذلِكَ﴾ اليوم ﴿يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ﴾ من الأوّلين والآخرين ، للحساب والجزاء ﴿وَذلِكَ﴾ اليوم ﴿يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ ومحضر فيه جميع الخلائق من أهل السّماوات والأرضين ، ليشهدوا أعمال العباد وجزاءهم عليها.
القمّي : يشهد عليهم الأنبياء والرّسل (٢) .
وعن أحدهما عليهماالسلام ، في هذه الآية : « فذلك يوم القيامة ، وهو اليوم الموعود » (٣) .
عن السجاد عليهالسلام : « واعلم أنّ من وراء هذا أعظم وأفظع وأوجع للقلوب ، يوم القيامة ﴿ذلِكَ يَوْمٌ
__________________
(١) مجمع البيان ٥ : ٢٩٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٧١.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٣٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٧٢.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٢٢ / ٢٠٥٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٧٢.