وتفجّرت الأرض عيونا ﴿فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾(١) .
﴿وَقالَ﴾ نوح لمن معه من المؤمنين بعد حمل الأزواج في السّفينة : ﴿ارْكَبُوا﴾ أيّها المؤمنون ، وادخلوا ﴿فِيها﴾ حال كونكم مستعينين ﴿بِسْمِ اللهِ﴾ أو قائلين : له ﴿مَجْراها﴾ وحين سيرها على الماء ﴿وَمُرْساها﴾ ووقت وقوفها عليه.
وعن الصادق عليهالسلام : « أي مسيرها وموقفها » (٢) .
وقيل : إن المعنى : بسم الله إجراؤها وإرساؤها ، فكان عليهالسلام إذا أراد أن تجري قال : بسم الله ؛ فجرت ، وإذا أراد أن ترسو قال : بسم الله ؛ فرست (٣) .
ثمّ بيّن نوح عليهالسلام علّة نجاتهم بقوله : ﴿إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ﴾ للذّنوب ﴿رَحِيمٌ﴾ بالمؤمنين ، ولذا أنجاكم مع زلّاتكم وفرطاتكم.
قيل : سارت السّفينة لأوّل يوم من رجب ، أو لعشر منه (٤) .
فركب نوح عليهالسلام والمؤمنون في السّفينة مسمّين ﴿وَهِيَ﴾ كانت ﴿تَجْرِي﴾ على الماء ، وتسير ﴿بِهِمْ فِي﴾ خلال ﴿مَوْجٍ﴾ ومياه مرتفعة على الماء لشدّة الرّياح ، وكانت الأمواج في عظمتها وارتفاعها ﴿كَالْجِبالِ﴾
عن الرضا عليهالسلام : « أنّ نوحا عليهالسلام لمّا ركب السّفينة أوحى الله إليه : يا نوح ، إن خفت الغرق فهلّلني ألفا ، ثمّ سلني النّجاة ، انجك ومن آمن معك من الغرق. قال : فلمّا استوى نوح ومن آمن معه في السّفينة ورفع القلس (٥) ، عصفت الرّيح عليهم ، فلم يأمن نوح عليهالسلام [ الغرق ] ، وأعجلته الرّيح فلم يدرك أن يهلّل [ الله ] ألف مرّة ، فقال بالسريانيّة هيلوليلا (٦) ألفا ألفا ، يا ماريا اتقن (٧) . قال : فاستوى القلس واستقرّت السّفينة ، فقال نوح عليهالسلام : إنّ كلاما نجّاني الله به من الغرق لحقيق أن لا يفارقني. قال : فنقش في خاتمه : لا إله إلّا الله ألف مرّة ، يا ربّ أصلح » (٨) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ نوحا عليهالسلام لمّا ركب السّفينة وخاف الغرق ، قال : اللهمّ إنّي أسألك بمحمد (٩) وآل محمّد لمّا أنجيتني من الغرق ، فنجّاه الله عزوجل » (١٠) .
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٣٢٧ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٤٤ ، والآية من سورة القمر : ٥٤ / ١٢.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٢٧ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٤٧.
(٣) تفسير روح البيان ٤ : ١٢٩.
(٤) تفسير الرازي ١٧ : ٢٢٩.
(٥) القلس : العظيم من حبال السّفينة.
(٦) في تفسير الصافي وعيون أخبار الرضا عليهالسلام : هيلوليا.
(٧) في عيون أخبار الرضا عليهالسلام : أيقن.
(٨) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٥٥ / ٢٠٦ ، وفيه : يا رب أصلحني ، تفسير الصافي ٢ : ٤٤٧.
(٩) في الاحتجاج : بحقّ محمد.
(١٠) الإحتجاج : ٤٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٤٧.