نظرهم ـ يؤكّد وحدة النصّ على عهد رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وأنّهم توارثوه يداً بيد ، وأنت إذا لاحظت المصاحف القديمة وقارنتها مع المصاحف الحاضرة المخطوطة والمطبوعة لرأيتها متّحدة في الأسلوب والخطّ وثبت الكلمات في بنيتها وصورتها ، وإنّ هذا لدليل على وحدة النصّ عند المسلمين في جميع الأدوار ، الأمر الذي يكشف عن حرص الأمّة الشديد على حراسة كتابها المجيد ، غير منكرين بأنّ منهجيّة الخلفاء قد أثّرت عليه في الجملة ، لكن لم تؤثر عليه أثراً ذا بال.
قال عبيدة السلماني (ت ٧٣ هـ) : «القراءة التي عرضت على النبيّ(صلى الله عليه وسلم) في العام الذي قُبض فيه هي القراءة التي يقرؤها الناس اليوم».
وقال خلاّد بن يزيد الباهلي (ت ٢٢٠ هـ) : «قلت ليحيى بن عبد الله بن أبي مليكة : إنّ نافعاً حدّثني عن أبيك عن عائشة أنّها كانت تقرأ : (إذ تَلِقُونَهُ) بكسر اللام وضمّ القاف ، وتقول : إنّها من (وَلَقِ الكذب)!
فقال يحيى : ما يضرّك أن تكون سمعته عن عائشة ، وما يسرّني أنّي قرأتها هكذا ، ولي كذا وكذا!
قلت : ولم؟ وأنت تزعم أنّها قد قرأت!
قال : لأنّه غيّر قراءة الناس ، ونحن لو وجدنا رجلاً يقرأ بما ليس بين اللّوحين ما كان بيننا وبينه إلاّ التوبة أو نضرب عنقه. نجي به نحن عن الأمّة عن الأمّة عن النبيّ عن جبرئيل عن الله عزّ وجل ، وتقولون أنتم : حدّثنا فلان الأعرج ، عن فلان الأعمى! أنّ ابن مسعود يقرأ ما بين اللوحين ، ما أدري ماذا؟ إنّما هو والله ضرب العنق أو التوبة».