بزمن طويل ، إذ كان عبدالله مسلماً وزيد لا يزال ضميراً مستتراً في صلب أبيه ، وليس هذا بمطعن في زيد ، فكم ترك الأوّل للآخر ، ولو كان الأمر بالسن لاختلّ كثير من نظام الكون ...»(١) لأنّ العمر بما هو عمر ليس له مدخلية في الترجيح ، ولو اعتمد ذلك لاختلّ حقّاً نظام الكون ، وهذا ما فعلوه وشاهدناه في تقديمهم أبابكر على عليّ بن أبي طالب لكونه أكبر سنّاً من الإمام عليّ ، فالسؤال : كيف تقدّمون أبابكر على عليٍّ بدعوى أنّه أسنّ ، وهنا تقولون إنّ السن ليست بمرجّح. والمتأمّل في نصوص ابن مسعود يرى معيار الكفاءة هي المنظورة في كلماته لا السن ، ولا لكونه كان في صلب أبيه الكافر ، بل كان يريد القول بأنّ الأرجحية له لسابقته في الإسلام ، وشهادة النبيّ (صلى الله عليه وآله) بحسن قراءته ، ولكونه حضر العرضة الأخيرة ، وأمثالها.
بل كيف يصحّ للمسلم أن يقول لأخيه المسلم : كفرت ، ورسول الله(صلى الله عليه وآله) كان قد أجاز قراءة القرآن على سبعة أحرف كما يقولون؟! فلابدّ لنا من تصحيح إحدى الروايتين.
ثمّ ما المقصود ممّا قالوه في لزوم الأخذ عن أحدثهم عهداً بالعرضة الأخيرة؟ هل يعنون العرضة الأخيرة التي مات بعدها رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ أم العرضة الأخيرة من كلّ عام؟ أي بعد اللقاء الثنائي بين جبرئيل الأمين والصادق الأمين في رمضان من كلّ عام.
فإن قالوا بأنّ مقصود ابن سيرين هو أنّهم كانوا إذا اختلفوا في الشيء
__________________
(١) مناهل العرفان ١/١٩٧.