﴿قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ
أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ * قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ *
يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ * وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ
الْغالِبِينَ * قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ *قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا
أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ
وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١٠٩) و (١١٦)﴾
فلمّا رأى فرعون هاتين المعجزتين وشاور مع أشراف (١) قومه في أمر موسى عليهالسلام ﴿قالَ الْمَلَأُ﴾ والأشراف ﴿مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ﴾ في مجلس المشورة : ﴿إِنَّ هذا﴾ الرّجل المدّعي للرّسالة ﴿لَساحِرٌ عَلِيمٌ﴾ بالسّحر ماهر فيه ، يطلب السّلطنة ﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ﴾ بوسيلة سحره ﴿مِنْ أَرْضِكُمْ﴾ ومملكتكم ، ويجعل الحكومة فيها لبني إسرائيل ، فلمّا سمع فرعون ذلك منهم قال لهم : ﴿فَما ذا تَأْمُرُونَ﴾ وبأيّ شيء تشيرون عليّ ؟ ﴿قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ﴾ وأخّر أمرهما ، ولا تعجل في شأنهما ﴿وَأَرْسِلْ﴾ الرّسل ﴿فِي الْمَدائِنِ﴾ والبلاد التي فيها السّحرة ، حال كون رسلك ﴿حاشِرِينَ﴾ وجامعين من له علم بالسّحر ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ﴾ بالسّحر حاذق فيه.
عن العيّاشي : روي أنّه لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح ، ولو كان لأمر بقتلهما. الخبر (٢) .
قيل : كان له مدائن فيها السّحرة المعدّة لوقت الحاجة إليهم ، ولم يكن في زمان السّحرة أكثر من زمان موسى عليهالسلام.
في معارضة السحرة مع موسى عليهالسلام
﴿وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ﴾ بعد إرسال الشّرطة إليهم وإحضارهم ﴿قالُوا﴾ : يا فرعون ﴿إِنَّ لَنا﴾ عندك ﴿لَأَجْراً﴾ عظيما ألبتّة ﴿إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ﴾ على موسى في عمل السّحر ﴿قالَ﴾ فرعون : ﴿نَعَمْ﴾ إنّ لكم لأجرا جزيلا عندي ﴿وَإِنَّكُمْ﴾ مع ذلك ﴿لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ عندي منزلة ومقاما.
قيل : إنّه قال لهم : تكونون أوّل من يدخل مجلسي ، وآخر من يخرج منه.
نقل أنّه كان في المدائن أخوان ماهران في السّحر ، فلمّا بلغهم أنّ فرعون طلبهم لمعارضة موسى عليهالسلام جاءوا إلى قبر أبيهم وقالوا : يا أبه ، إنّ فرعون طلبنا لنعارض رجلين معهما عصا إذا ألقياها تصير ثعبانا يأكل كلّ ما يراه ، ولذا ضيّقا على فرعون ، قال أبوهم : انظروا هل تصير ثعبانا حال نوم
__________________
(١) كذا ، والظاهر : شاور أشراف.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ١٥٦ / ١٦٠٤ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٢٥.