حينئذ صدّق بعد ذلك ، ومن كذّب حينئذ كذّب بعد ذلك » (١) .
﴿وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (١٠٢)﴾
ثمّ لمّا كان الكفّار عند مساس البأساء والضرّاء ، يعاهدون الله بقولهم : ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾(٢) ، عيّرهم سبحانة على نقض العهد بقوله : ﴿وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ﴾ وفاء بعد ﴿عَهْدٍ﴾ عاهدوه مع حكم العقل بوجوبه.
ثمّ أكّد ذلك التّعيين بقوله : ﴿وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ﴾ وخارجين من حدود العقل والدّين ، وعلمنا أغلبهم عن شكر ربّهم وطاعته آبين.
وقيل : إنّ المراد من العهد : نصب الأدلّة الدالّة على توحيده ورسالة رسوله.
وعن ابن مسعود قال : العهد هنا الإيمان ، والدليل عليه قوله تعالى : ﴿إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً﴾(٣) يعني : آمن وقال : لا إله إلّا الله (٤) .
وقيل : إنّ المراد به : العهد الذي أخذه الله منهم في عالم الذرّ.
عن ابن عبّاس قال : يريد الوفاء بالعهد الذي عاهدهم الله وهم في صلب آدم حيث قال : ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى﴾(٥) ، فلمّا أخذ الله منهم هذا العهد وأقرّوا به ثمّ خالفوا ذلك ، صار كأنّه ما كان لهم عهد ، فلهذا قال : ﴿وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ﴾(٦)
العياشي : عن أبي ذرّ رضوان الله عليه قال : والله ، ما صدق أحد ممّن أخذ ميثاقه فوفى بعهد الله غير أهل بيت نبيّهم وعصابة قليلة من شيعتهم ، وذلك قول الله : ﴿وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ﴾(٧) .
وعن الصادق عليهالسلام ، أنّه قال لأبي بصير : يا أبا بصير ، إنّكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا ، وإنّكم لم تبدّلوا بنا غيرنا ، ولو لم تفعلوا لعيّركم الله كما عيّرهم حيث يقول جلّ ذكره : ﴿وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ﴾(٨) .
وعن الكاظم عليهالسلام : « أنّها نزلت في الشاكّ » (٩) .
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ٢٨٢ / ١٩٧١ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٢٣.
(٢) يونس : ١٠ / ٢٢.
(٣) مريم : ١٩ / ٨٧.
(٤) تفسير الرازي ١٤ : ١٨٨.
(٥) الأعراف : ٧ / ١٧٢.
(٦) تفسير الرازي ١٤ : ١٨٨.
(٧) تفسير العياشي ٢ : ١٥٤ / ١٦٠١ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٢٣.
(٨) الكافي ٨ : ٣٥ / ٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٢٣.
(٩) الكافي ٢ : ٢٩٣ / ١ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٢٣.