أمره مخافة أن يفضحه قومه ، وذلك أنّه لم يكن للوط عشيرة فيهم » (١) .
وعن ( العلل ) و( العيّاشي ) : مثله (٢) .
﴿وَما كانَ جَوابَ﴾ لوط وأتباعه النّاهين عن الفاحشة من ﴿قَوْمِهِ﴾ بعد إبلاغهم النّصح شيئا ﴿إِلَّا أَنْ قالُوا﴾ فيما بينهم تخلّصا من مواعظ لوط وأتباعه : يا قوم ﴿أَخْرِجُوهُمْ﴾ جميعا ﴿مِنْ قَرْيَتِكُمْ﴾ وبلدكم ﴿إِنَّهُمْ أُناسٌ﴾ وجماعة ﴿يَتَطَهَّرُونَ﴾ من الرّذائل ، ويتنزّهون من الخبائث والفواحش ، قيل : كانوا مستهزئين بهم (٣) بهذا القول ، فاستحقّوا العذاب بطغيانهم وكفرهم واستخفافهم بلوط ﴿فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ﴾ وأتباعه المؤمنين به ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ﴾ وزوجته الكافرة إنّها ﴿كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ﴾ والباقين في القرية غير المدركين للنّجاة. قيل : كانت تبطن الكفر وتغري الكفار على إنكار لوط (٤) ﴿وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ﴾ من السّماء ﴿مَطَراً﴾ معجبا ؛ لأنّه كان من الحجارة ﴿فَانْظُرْ﴾ وتأمّل أيّها العاقل ، النّاظر في العواقب ، والمتأمّل في الأمور ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ﴾ أمر ﴿الْمُجْرِمِينَ﴾ والعاصين بالكفر وتكذيب الرّسل حتّى تعتبر بحالهم ، وتحترز من أعمالهم.
في هلاك قوم لوط
قيل : لمّا كثرت فيهم اللّواطة زمانا عجّت الأرض إلى ربّها ، فسمعت السّماء فعجّت إلى ربّها ، فسمع العرش فعجّ إلى ربّه ، فأمر الله السّماء أن تحصبهم ، والأرض أن تخسف بهم ، فأمطروا أوّلا بالحجارة ، ثمّ خسفت بهم الأرض. وقيل : خسف بالمقيمين وامطرت الحجارة على مسافريهم.
روي أنّ تاجرا منهم كان في الحرم ، فوقف له الحجر أربعين يوما حتّى قضى تجارته ، وخرج من الحرم فوقع عليه (٥) .
﴿وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ
جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ
وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨٥)﴾
في قصة شعيب وقومه
ثمّ ذكر سبحانه قصّة دعوة شعيب ومعارضة قومه له وهلاكهم بقوله : ﴿وَإِلى﴾ قبيلة ﴿مَدْيَنَ﴾ بن إبراهيم أرسلنا ﴿أَخاهُمْ﴾ في النّسب ، وكان اسمه ﴿شُعَيْباً﴾ قيل : هو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين ، وإنّ مدين تزوّج ريثا بنت لوط فولدت له وكثر نسله ،
__________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٦٨٥ ، تفسير الصافي ٢ : ٢١٨.
(٢) علل الشرائع : ٥٤٨ / ٤ ، تفسير العياشي ٢ : ٤٣٢ / ٢٣٣٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٢١٨.
(٣) في النسخة : لهم.
(٤) تفسير روح البيان ٣ : ١٩٦.
(٥) تفسير روح البيان ٣ : ١٩٧ ، تفسير أبي السعود ٣ : ٢٤٦.