عن السجاد عليهالسلام أنّه قيل له : إنّ جدّك قال : « إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم على بغيهم » ، فقال : « ويلك ، أما تقرأ القرآن ﴿وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً﴾(١) ، ﴿وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً﴾(٢) فهو مثلهم ، كانوا إخوانهم في عشيرتهم ، وليسوا إخوانهم في دينهم » (٣) .
عن الباقر عليهالسلام - في حديث - « وبشّر نوح ساما بهود وقال : إنّ الله باعث نبيّا يقال له هود ، وأنّه يدعو قومه إلى الله فيكذّبونه » . الخبر (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « لمّا حضرت نوحا الوفاة دعا الشيعة فقال لهم : [ اعلموا ] أنّه سيكون من بعدي غيبة يظهر فيها الطّواغيب ، وإنّ الله عزوجل سيفرّج عنكم بالقائم من ولدي ، اسمه هود ، له سمت وسكينة ووقار ، يشبهني في خلقي وخلقي » (٥) .
عن الباقر عليهالسلام : « أنّ الأنبياء بعثوا خاصّة وعامّة ، وأمّا هود فإنّه ارسل إلى [ عاد ] بنبوّة خاصّة»(٦) .
في كيفية دعوة هود ومحاجته
﴿قالَ﴾ هود لقومه : ﴿يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ﴾ وحده ﴿ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ﴾ ولمّا كان قومه مطّلعين على واقعة الطّوفان وهلاك قوم نوح ، هدّدهم على الشّرك بقوله : ﴿أَ فَلا تَتَّقُونَ﴾ بأس الله وعذابه ، أشار به إلى التّخويف بمثل واقعة قوم نوح المشهورة عندهم ﴿قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بتوحيد الله ورسالة هود ﴿مِنْ قَوْمِهِ﴾ في جوابه مغلّظين له في القول : يا هود ﴿إِنَّا لَنَراكَ﴾ متمكّنا وراسخا ﴿فِي سَفاهَةٍ﴾ وخفّة العقل ، حيث فارقت الجماعة ، وخالفت العامّة ﴿وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ﴾ ألبتّة ﴿مِنَ الْكاذِبِينَ﴾ في دعوى توحيد المعبود ، ورسالتك.
﴿قالَ﴾ هود لهم بلين وعطوفة ، بعد ما سمع منهم الكلام الشّنيع : ﴿يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ﴾ أبدا ﴿وَلكِنِّي﴾ لكمال عقلي وغاية رشدي ﴿رَسُولٌ مِنْ﴾ رسل ﴿رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ فإنّه لا يكون الرّسول إلّا من كمل عقله وتمّ رشده وصلاحه ، وما أقول لكم شيئا من قبل نفسي ، بل ﴿أُبَلِّغُكُمْ﴾ وأؤدّي إليكم ﴿رِسالاتِ رَبِّي﴾ على حسب وظيفتي ﴿وَأَنَا﴾ مع ذلك ﴿لَكُمْ﴾ فيما أدعوكم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له ﴿ناصِحٌ﴾ ومشير إلى محض خيركم ﴿أَمِينٌ﴾ وثقة عند الله في تأدية رسالته ، وعندكم في النّصح ، لا أغشّ ولا أخون أبدا.
﴿أَ وَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ
جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ
__________________
(١) الأعراف : ٧ / ٨٥.
(٢) هود : ١١ / ٦١.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ١٥٠ / ١٥٩٥ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٩.
(٤) الكافي ٨ : ١١٥ / ٩٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٩.
(٥) كمال الدين : ١٣٥ / ٤ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٩.
(٦) كمال الدين : ٢١٩ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٩.