وكثرة فضل الله عليهم : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا﴾ بفضله إلى معرفته ، وأرشدنا بتوسّط رسوله لهذا الدّين القويم ، وأوصلنا بتوفيقه ﴿لِهذا﴾ الجزاء العظيم ﴿وَما كُنَّا﴾ في الدّنيا ﴿لِنَهْتَدِيَ﴾ بعقولنا وسعينا ﴿لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ﴾ بلطفه إليه.
عن ( الكافي ) : عن الصادق عليهالسلام ، في هذه الآية : « إذا كان يوم القيامة دعي النبيّ صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين والأئمّة من ولده عليهمالسلام فينصبون للنّاس ، فإذا رأتهم شيعتهم قالوا : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا﴾ الآية ، يعني : هدانا إلى ولاية أمير المؤمنين والأئمّة من ولده عليهمالسلام » (١) .
ثمّ يذكرون علّة انتساب هدايتهم إلى الله بقوله : ﴿لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا﴾ من جانب الله ﴿بِالْحَقِ﴾ والدّين الصّدق ، أو بالمعجزات ودلائل الصّدق ، فاهتدينا بإرشادهم ، وصدّقناهم واتّبعناهم بتوفيقه. وإنّما يقولون ذلك نشاطا وسرورا بإنجاز ما وعدهم الله على لسان رسله ، وفرحا بانقلاب يقينهم البرهاني باليقين الشّهودي ﴿وَنُودُوا﴾ من قبل الله عند رؤيتهم الجنّة ، أو بعد استقرارهم فيها إظهارا للمنّة عليهم : ﴿أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ﴾ التي وعد المتّقون وأنتم ﴿أُورِثْتُمُوها﴾ وملّكتموها ﴿بِما كُنْتُمْ﴾ في الدّنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ لطاعة الله ومرضاته ، فادخلوها ، أو أقيموا فيها خالدين.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « ما من أحد إلّا وله منزل في الجنّة ومنزل في النّار ، فأمّا الكافر فيرث المؤمن منزله في النّار ، والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنّة ، فذلك قوله : ﴿أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾(٢).
وعنه صلىاللهعليهوآله : « ليس من كافر ولا مؤمن إلّا وله في الجنّة والنّار منزل ، فإذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار ، رفعت الجنّة لأهل النّار ، فنظروا إلى منازلهم فيها فقيل : لهم هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله ، ثمّ يقال لأهل الجنّة : رثوهم (٣) بما كنتم تعملون ، فيقسّم بين أهل الجنّة منازلهم » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام (٥) ، في هذه الآية : « أنّ أهل الجنّة إذا سيقوا إلى الجنّة وجدوا عند بابها شجرة ، في أصل ساقها عينان ؛ فشربوا من إحداهما فينزع ما في صدورهم من غلّ ، وهو الشّراب الطّهور ، واغتسلوا من الاخرى فجرت عليهم نضرة النّعيم ، فلم يشعثوا ولم يشحبوا ، ويبشّرهم خزنة الجنّة قبل أن يدخلوها بأن يقولوا لهم : ﴿أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فإذا دخلوا فيها قالوا : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا﴾ الآية » (٦) .
وفي الخبر : « يقال لهم : جوزوا الصّراط بعفوي ، وادخلوا الجنّة برحمتي ، واقتسموها بأعمالكم»(٧).
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٤٦ / ٣٣ ، تفسير الصافي ٢ : ١٩٧.
(٢) مجمع البيان ٤ : ٦٤٩ ، تفسير الصافي ٢ : ١٩٧.
(٣) رثوهم : فعل أمر من ورث يرث.
(٤) تفسير الرازي ١٤ : ٨٢.
(٥) في روح البيان : عن السدّي.
(٦) تفسير روح البيان ٣ : ١٦٣.
(٧) تفسير روح البيان ٣ : ١٦٣.