للصلاة ، أو في وقتها.
عن الصادق عليهالسلام : « المساجد محدثه ، فامروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام » (١) .
وعنه عليهالسلام : ﴿عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ يعني : الأئمّة » (٢) .
أقول : هذا تأويل ، والأوّل تفسير.
﴿وَادْعُوهُ﴾ واعبدوه أيّها النّاس حال كونكم ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ والطّاعة بصلاتكم وسائر عباداتكم ، مبرّأين عن الشّرك فيها.
ثمّ هدّدهم على مخالفة أحكامه بقوله : ﴿كَما بَدَأَكُمْ﴾ الله وأنشأكم أوّلا ﴿تَعُودُونَ﴾ إليه بأن يحييكم بعد موتكم ثانيا ، ليجازيكم على أعمالكم وخلوص نيّاتكم.
عن ابن عبّاس : كما بدأ خلقكم مؤمنا أو كافرا ، تعودون فيبعث المؤمن مؤمنا والكافر كافرا ، فإنّ من خلقه الله في أوّل الأمر للشّقاوة ، أعمله بعمل أهل الشّقاوة ، وكانت عاقبته الشّقاوة ، وإنّ [ من ] خلقه للسّعادة أعمله بعمل أهل السعادة ، وكانت عاقبته السّعادة (٣) .
عن القمّي رحمهالله : عن الباقر عليهالسلام ، في هذه الآية : « خلقهم حين خلقهم مؤمنا وكافرا ، وشقيّا وسعيدا ، وكذلك يعودون يوم القيامة مهتد وضالّ » (٤) .
﴿فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ
دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان ما أمر به من المحسّنات المسلّمة عند العقول ، بيّن اختلاف النّاس في قبوله وردّه بقوله : ﴿فَرِيقاً﴾ من النّاس ﴿هَدى﴾ هم الله إلى الصّواب ، ووفّقهم بقبول أوامره بطيب طينتهم وقوّة عقولهم وحسن أخلاقهم ﴿وَفَرِيقاً﴾ آخر منهم خذلهم بخبث طينتهم وضعف عقولهم ، وسوء أخلاقهم ، ولذا ﴿حَقَ﴾ واستقرّ ﴿عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ عن الحقّ.
ثمّ بيّن غاية ضلالتهم بقوله : ﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا﴾ واختاروا ﴿الشَّياطِينَ﴾ ومردة الجنّ والإنس ﴿أَوْلِياءَ﴾ وأحبّاء متبوعين لأنفسهم ﴿مِنْ دُونِ اللهِ﴾ الذي هو وليّهم الحقّ ، فيخالفونه ويطيعونهم فيما أمروهم به ﴿وَيَحْسَبُونَ﴾ مع ذلك ﴿إِنَّهُمُ﴾ في طاعتهم لهم ﴿مُهْتَدُونَ﴾ إلى الحقّ ، والحال أنّهم مخطئون ضالّون.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٤٣ / ١٣٦ ، تفسير الصافي ٢ : ١٨٨.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ١٤١ / ١٥٦٠ ، تفسير الصافي ٢ : ١٨٨.
(٣) تفسير الرازي ١٤ : ٥٨.
(٤) تفسير القمي ١ : ٢٢٦ ، تفسير الصافي ٢ : ١٨٨.